مدونة حلمي العلق

انظر كيف كذبوا على أنفسهم

 | afala-yatadabron

مقدمة

القضية الأولى في القرآن الكريم هي قضية التوحيد، وقضية التوحيد عكسها الشرك بالله، وجدير أن نهتم بهذه القضية وهذا الموضوع لما أولاه القرآن من أهمية بالغة. والله سبحانه وتعالى يقول وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون،

إذا كانت قضيتك مع الناس، فستبدأ بتبرأة نفسك، أما إذا كانت قضيتك مع الله فستبدأ باتهام نفسك حتى تثبت أنها في سلامة من هذا المرض الذي يودي بصاحبه إلى التهلكة.

انظر كيف كذبوا على أنفسهم

(وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمْ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ (22) ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (23) انظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (24)) سورة الأنعام

الآيات الشريفة في سورة الأنعام المباركة، وسورة الأنعام تستعرض العقائد الفاسدة والباطلة التي عاشتها قريش وأهل الكتاب والذين ابتعدوا أن أصل ملتهم ملة إبراهيم عليه السلام،

1- ((وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمْ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ (22))

الله يحشر الجميع، من الفئة التي كذبت والتي اتبعت الكذب، ثم يتوجه الخطاب إلى الذين أشركوا: أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون، في هذا اليوم ، وفي هذه الساعة ادعيتم أن هناك من سيأتي لينقذكم من عرصات الحشر، لأنكم أنتم الأمة الناجية، وأن الجنة خالصة لكم ، أين هم ؟ ألم كنتم تزعمون أنهم سيأتونكم في هذه الساعة؟ ألم تزعموا أنهم سينقذونكم في هذه اللحظة، حتى المذنبين منكم ؟ أين ذهبوا عنكم ؟ لقد أشركتم بالله، لأنه وحده الملك، وصاحب الملك، لمن الملك اليوم؟ لله الواحد القهار، فلم أعطيتم الملك لغيره، لم أشركتم في ملكه أحد ؟

في هذه اللحظة فقط ينكشف الستار لهم عن حقيقة أنفسهم، أن ما كانوا يقومون به هو شرك بالله، ولكن الإنسان لا يقف عن الدفاع عن نفسه ولا عن التبرير ، فيكون الرد منهم :

2- (ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (23))

لقد اتضح أنهم وقعوا في الفتنة، أنهم كذبوا على أنفسهم فصدقوا الكذبة، لم يسمعوا كلام الله، لم يؤمنوا بكلماته وذهبوا خلف الكذب والزور، فما كان قولهم وردهم إلا أن قالوا : (والله ربنا ما كنا مشركين) ، هم يحلفون بالله الآن أنهم لم يكونوا مشركين ، دليل على أنهم كانوا يظنون أنهم مهتدين، لا يعلمون عن حقيقة أنفسهم شيئًا، وقد اتضحت الآن، ولو أنهم نظروا إلى مرآة أنفسهم وهو القرآن الكريم، لوجودوها ولكنهم ابتعدوا عن هذه المرآة، واتخذوا آياتها هزوا.

3- (انظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (24))

تعليقًا على هذا المشهد في يوم الآخرة ، الله سبحانه وتعالى يخاطب نبيه ويقول له: انظر كيف يحلفون يوم القيامة بأنهم ليسوا مشركين، وكأن الحدث ماثل أمام النبي يراه رأي العين الآن، وأين كذبوا على أنفسهم؟ كذبوا على أنفسهم في الدنيا، كذبوا على أنفسهم بأن أخذوا بغير ما أنزل الله واعتمدوه كمصدر عقيدة للآخرة .

وضل عنهم ما كانوا يفترون؟ ضل عنهم افتراءاتهم في يوم القيامة، فلا شيء هنا مما كانوا يقولون، يوجه لهم الخطاب يوم القيامة أن أين شركاؤكم اليوم؟ ضلوا عنهم ، أي لم يقصدوهم لم يأتوا لهم ، لم يلبوا نداءهم، وهذا يعني أن الله سبحانه وتعالى أوقعهم فيما كانوا يعتقدون حتى يروا الحقيقة أمامهم.

خاتمة :

القرآن مرآتك، فلم تكشف حقيقة نفسك بهذا المصباح وبهذا النور؟ هل نتدبر القرآن من أجل أن ننظر إلى جماله، أم علينا أن ننظر للقرآن من أجل أن نكشف السوء في أنفسنا؟