مدونة حلمي العلق

سورة الأنفال من آية 20 إلى آية 26

 | ayat | alanfal

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ (20))

هذا نداء رباني للمؤمنين بعد نصر الله لهم في المعركة التي ذكرتها آيات سورة الأنفال، والنداء يقول لهم أطيعوا الله ورسوله، فقد تأخذهم حماسة النصر بأن يتخذوا مواقف بناءً على ذلك النصر ولكن الله سبحانه وتعالى يقول لهم واصلوا في الطاعة لله والرسول، " ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون"، فلا تتخذوا مواقف أخرى خلاف أوامر الرسول وأنتم تسمعون ما يأمر به الله وما يوصله لكم، فلا يصح من مؤمن أن يسمع ويولي الدبر عن أوامر الله.

(وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (21))

من الناس من يقول سمعنا ولكن الحقيقة أنهم لا يسمعون القول ولا يتأثرون به، ولا يستجيبون لأوامر الله.

(إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ (22))

الإنسان يدب على الأرض مثله مثل بقية الكائنات التي توجهها غريزتها، فإذا لم يستجب لأمر الله فسيتحول إلى دابة مثله مثل بقية الدواب التي لا تعقل، بل سيكون شر من يدب على الأرض، وشر من بقية الكائنات الحية لأن لديه من الإمكانات ما ليس لدى غيره من الكائنات.

(وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (23))

ولو علم الله في ذلك الصنف من البشر الخير لأسمعهم القول، لا خير يرتجى من سمعهم فهم حين يسمعون يتولون معرضين وكأن لم يسمعوا.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24))

تعود الآية فتأمر المؤمنين بأن يستجيبوا لأوامر الله التي يوصلها الرسول، ويحث عليها، فكل تلك الأوامر هي لإحيائهم، فللإنسان حياة وموت، حياته هي في التأثر بكلمات الله وكتابه والتفاعل مع أوامر الله، ومماته هي موت الإحساس والتفاعل مع الأحداث المادية لا مع الغيبيات.
لقد كان تفاعل المؤمنين من قبل حادثة النصر تفاعلاً مباشراً ، وقد كانت القلوب محبة لأوامر الله، ولكن يبدو أنه بعد أن تحقق للمؤمنين النصر شعروا باندفاع ناسين الحقائق الغيبية، والآية تؤكد ضرورة الاستجابة لدعوة الله والرسول، ففي الاستجابة حياة للقلوب، وعلى المؤمن هنا أن يعلم أن الله يحول بين المرء وقلبه، وهذه الإحالة هي حجب الإنسان عن قلبه، فلا يستطيع أن القلب حينها أن يتواصل مع صاحبه، وأوامر القلب معزولة لا تسمع من أجل الفتنة والتحقق من ثبات الإيمان وقواعده.

(وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (25))

تحذر الآية من فتنة تعم الجميع الظالم وغير الظالم من المؤمنين،

(وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمْ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (26))

تذكير للمؤمنين المهاجرين بمرحلة كانوا فيها قليلون ومستضعفون من قبل أهل مكة يخافون أن يتخطفهم الناس أي أن تكونوا مستهدفين من الناس، فآواهم بالأنصار في المدينة المنورة وأيدكم بالنصر، وأصبحت لديكم مداخل مادية ورزقهم من الطيبات بالاستقرار في المدينة. وهنا الذكرى تكون بالالتزام بالأوامر الربانية والالتزام بتلك الأوامر هو شكر لله.