مدونة حلمي العلق

سورة الأعراف من آية 103 إلى آية 126

 | ayat | alaraf

ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُوا بِهَا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (103))

(وَقَالَ مُوسَى يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (104))

(حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِي بَنِي إِسْرَائِيلَ (105))

(قَالَ إِنْ كُنتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِنْ كُنتَ مِنْ الصَّادِقِينَ (106))

فرعون يطالب بآية خارقة للعادة من نبي الله موسى، آية تثبت صدق ادعاء موسى أنه رسول من عند الله.

(فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ (107))

فألقى موسى العصى التي بيده لتتحول إلى ثعبان حقيقي. مبين لحقيقة أنه ثعبان مؤكد أنه ثعبان وليس شيء آخر.

(وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ (108))

نزع اليد هو إخراجها، وقد بينت الآيات الأخرى أنه أخرجها من تحت جناح يده الأخرى لتتحول إلى يد بيضاء يراها الناظرون بشكل واضح، فهل لهذه اليد دلالة على صدق دعواه، ومؤكدة أن ما رأوه في أمر العصا إنما هو حقيقة؟

(قَالَ الْمَلأ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (109)يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ (110))

يبدو أن هذا الملأ هم من بني إسرائيل أي أنهم من علية القوم في بني إسرائيل، لأنهم يقولون: يريد أن يخرجكم من أرضكم فماذا تأمرون؟ وذلك لأن طلب موسى كان من فرعون هو : أن أخرج معي بني إسرائيل.

(قَالُوا أَرْجِهِ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (111))

الإرجاء هو التأخير، أي أخر اللقاء مع موسى وأخيه وأرسل من جنودك إلى المدائن ليحشروا الناس

(يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ (112))

يأتوك بكل ساحر عليم ولديه علم كبير في السحر من أجل

(وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُوا إِنَّ لَنَا لأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ (113))

وعندما مثل السحرة إلى فرعون قالوا له :إذا كانت لنا الغلبة فلنا الأجر من عندك،

( قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنْ الْمُقَرَّبِينَ (114))

فكان الرد من فرعون: نعم لكم ذلك وإنكم لمن المقربين عندي.

(قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ (115))

هنا في مشهد لقاء السحرة مع موسى وأمام الناس

(قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ (116))

سحروا أعين الناس فعلوا فعلتهم بتحويل الحبال والعصي إلى ثعابين، وكان ذلك السحر العظيم قد أذهل الناس

(وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (117))

الفرق بين ما ألقاه السحرة وبين ما ألقاه نبي الله موسى (ع)، أن ما ألقاه نبي الله موسى لقف ما فعله السحرة، وهذا بدوره أضعف موقف السحرة، فهل كانت المبارزة على من سأتي بسحر أقوى، أم أنها كانت على أساس من يغلب من الثاعبين؟ أم أنهم جاءوا ليقولوا له أن ما تقوم به إنما هو سحر، ولدينا سحر أقوى منه؟

(فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (118))

وبهذا وقع الحق وتبين أن موسى صادق في ادعاءه،

(فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانقَلَبُوا صَاغِرِينَ (119))

التصغير

(وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (120))

ألقي السحرة ساجدين لله رب العالمين، فقد عرفوا أن هذا ليس عمل بشر وليس عمل سحر وإنما هو عمل رب العالمين،

(قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (121))

هنا يعترف السحرة بأن الحق مع نبي الله موسى (ع)، فيعلنون إيمانهم برب العالمين لأنه هو الذي حوّل العصا إلى ثعبان حقيقي وليس

(رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (122))

وهنا اعتراف من عندهم إلى أن موسى وهارون جاءوا من عند الله سبحانه وتعالى وليسوا مدعين من عند أنفسهم.

(قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (123))

الناس من حولهم وفرعون يشاهدون المشهد، ويشاهدون أن العصي تحولت إلى ثعابين ولكن عصاة موسى التي تحولت إلى ثعبان أكلت ثعابين السحرة، وكأنهم يشاهدون سحر مقابل سحر ولا يعلمون الحقيقة، ولكن استسلام السحرة إلى ما جاء به موسى يؤكد على أن الحق هو ما ادعاه موسى وأن موسى جاء من عند الله وليس ساحر يريد أن يفتن الناس ويأخذهم معه بناءً على قوة السحر. ومن خلال هذه النهاية التي وصل لها السحرة، يتدخل فرعون بشكل سريع حتى لا تثبت حقيقة موسى وترسخ في أذهان الناس فيترجم الصورة الحاصلة بقوله " إن هذا إلا مكر مكرتموه في المدينة لتخرجوا منها أهلها فسوف تعلمون" فحول الموضوع من قضية مكر متعاون بين

(لأقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ ثُمَّ لأصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (124))

تقطيع الأيدي هو تجريحها كما كانت تقول النساء عندما جمعتهن امرأة العزيز ودخل عليهم يوسف فقطعن أيديهن، أي جرحنها، ولكن التجريح يكون من الخلف ثم يتم التصليب أي التثبيت على الصليب من أجل أن ينزف الدم حتى يحصل الموت المحتم، وهذا نوع من الموت الذي فيه تنكيل وتشهير.

(قَالُوا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ (125))

هم يؤمنون الآن أنهم سينتقلون إلى العالم الآخر وسيموتون حين ينتقم منهم فرعون.

(وَمَا تَنقِمُ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ (126))

النقمة التي حلت عليهم من فرعون أنهم آمنوا بالحقيقة التي جاءتهم من موسى في آية العصا، ويحصل الغل من الكافر أن يؤمن أحد بالحقيقة البينة لأنه يريد أن يبقى الناس على ملته وعلى آلهته وعلى فكره.
فدعا السحرة بدعاء وهو ربنا أفرغ علينا صبراً وتوفنا مسلمين، وإفراغ الصبر هو إنزال الصبر بشكل كبير في هذه اللحظة العصيبة، ودعاء بالوفاة على الإسلام وهو أن يكونوا مستسلمين على للملة التي جاء بها وتنزل على نبي الله موسى(ع).