سورة الأعراف من آية 180 إلى آية 188
| ayat | alaraf(وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (180))
الله يدعى بأسماءه الحسنى التي عرفها للناس في كتبه السماوية، أسماء الله هي الباب الذي منها يؤتى، والإلحاد هو تضمين شيء داخل الإسم ، فكيف يكون الإلحاد في الأسماء؟
(وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (181))
يتحدث عن أمة أي جماعة من بني إسرائيل لازالوا على الحق، لازالوا على الكتاب الذي أنزله الله لم ينحرفوا عنه. ويبين ذلك هو الآية التي تضاد هذا المعنى في الآية التالية.
(وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ (182))
الذين كذبوا بآياتنا في بني إسرائيل، سيستدرجهم الله من جوانب قد لا يعلمها هذا الذي ينحرف عن الكتاب أن الله يستدرجه من أجل أن يبقى على الضلال. تتمة هذا القول هو ما تذكره الآية التالية وهو أنه سيكون هناك إملاءات تخرجه عن الكتاب
(وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (183))
الإملاء الذي يتم في الدين، وهذا إملاء يشاء الله به بكيد من عنده سبحانه وتعالى، وهو كيد متين فلا يتمكن الذي ترك آيات الله أن يتخلص منها أو أن يخرج من هذا الكيد، وهذا عقاب من جنس العمل، وعقاب عظيم مآله أن تستشعر هذه الأمة أنها على صواب ولكنها على خطأ. وهذا الخطاب يشمل كل الديانات التي حذت حذو اليهود فإنه يستدرج من حيث لا يشعر.
(أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ مُبِينٌ (184))
وهنا يخاطب الذين هم في زمن النبي محمد (ص) ويتساءل أولم يتفكروا في هذا النبي، ما بصاحبهم من جنة إن هو إلا نذير مبين. هل به جنة: أي هل أصيب بالجن، أو جن عقله أي تغشى هذا العقل شيء من الأمراض النفسية التي دعته لأن يقول هذا الكلام الذي يخالف ماهم عليه، ويبدو أن الكلام الذي يقوله لهم يخالف عقائدهم بطريقة تبدي لهم الاستغراب الكبير. ولكن لو نظروا للقول من جهة الله سبحانه وتعالى ليتفهموا حالته أنه نذير مبين، نذير بين واضح.
الطبيعة البشرية لا تتحمل أن يخالفها أحد في عقائدها وفي الشيء المشاع الذي ألفه وتعود عليه. الذين قالوا أن به جنه هم أناس كبار ولهم وزنهم في المجتمع.
(أَوَلَمْ يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدْ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (185))
الآية تعرض بوابة الإيمان، وهو التأمل والنظر والتفكر في ملكوت السماوات والأرض، والنظر في مخلوقات الله من شيء، والنظر في أنه عسى أن يكون قد اقترب أجل الإنسان، وبعد هذا الأجل سيكون هناك الحساب من قبل رب السماوات والأرض.
هذا التأمل هو بوابة العبور إلى الإيمان بحديث الله، واليقين به والتعامل معه على أنه من عند الله مباشرة.
(مَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَلا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (186))
الحذر كل الحذر من أن يطبع الله على الإنسان الضلال، فلا هادي له مهما كانت وسائل الهداية والمعاجز. والآية سمت الكفر بالطغيان على أنه سبب العمى عن الآيات.
(يَسْأَلُونَكَ عَنْ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (187))
هناك من يسأل النبي عن وقت الساعة متى ستكون؟ الآية تعطي الرسول الرد المناسب على مثل هذا السؤال وهو: " إنما علمها عند ربي" ، ثم تقول الآية " لا يجليها لوقتها إلا هو" الجلاء هو الوضوح، التجلي هو الخروج وانكشافه إلى الواقع، والآية تقر حقيقة وهي أن الله لا يجلي هذا الأمر أي لا يظهره ولا يخرج علاماتها إلا حين يأتي الوقت المناسب " لوقتها إلا هو" فهو سبحانه الوحيد الذي يخرج ويعلم علامات الساعة.
" ثقلت في السماوات والأرض" ثقل على من في السماوات والأرض حقيقة الساعة وعلاماتها، " لا تأتيكم إلا بغتة" هذه هي حقيقة الساعة أنها ستأتي للناس بشكل مفاجئ ولايمكن أن يأتيهم علمها، " يسألونك كأنك حفي عنها" هم يسألون النبي وكأن النبي يعلم بها ويمكنه أن يخرج حقيقتها. " قل إنما علمها عند الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون" لا يعلمون أن علم الساعة مختص عند الله، والآية تنفي أن يكون هناك علامات يعلمها أي أحد من الرسل أو الأنبياء ومن الممكن أن ينتقل علمها لأحد.
(قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنْ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِي السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (188))
وهذه الآية تؤكد المعنى الذي أشارت إليه الآية السابقة وهو أن النبي لا يعلم عن الساعة، وهذه الآية تعمم الأمر " قل لا املك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ماشاء الله"، أن الرسول لا يعلم شيء عن المستقبل ولا يمكنه أن يدفع عن نفسه أي ضرر أو أن يجلب لنفسه منفعه بسبب جهله بالمستقبل ، فالآية تقول : " لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء" لأنه بشكل طبيعي بعدم وجود علم غيب المستقبل فإن الإنسان لا يستطيع أن يدفع عن نفسه شيء أو يجلب لنفسه منفعه.
ثم تؤكد الآية طبيعة الرسول في إنما هو بشر عادي وله وظيفة " إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون".