مدونة حلمي العلق

سورة البقرة من آية 27 إلى آية 37

 | ayat | alaraf

(يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمْ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنْ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ (27))

نداء من الله سبحانه وتعالى إلى بني البشر، يحذرهم فيه من فتنة الشيطان الخفية، إذ أن الشيطان يسعى جاهداً أن ينزل الإنسان من كرامته التي أنعم الله بها عليه، تماماً بنفس الإسلوب الذي أخرج به أبويه من الجنة، وتماماً كما استطاع بحيله ومكائده أن ينزع عن آدم وزوجه لباسهما ليريهما سوآتهما، وكأن في ذلك شيء من التشفي للغل الذي يحمله الشيطان على آدم وذريته، فحين كانت المعصية كانت النتيجة أن نزع اللباس وبدى آدم وزوجه بلا كرامة.

إن الشيطان وقبيلته يرون بني آدم، ولكن البشر لا يرون الشياطين، وفي هذا الخفاء بلاء، إذ على بني البشر أن يكونوا في غاية الحذر من الوساوس الخفية التي تخرجهم بالتدريج عن أوامر الله، ومن لا يؤمن بالله، ولا يتمسك بكتابه ، سيكون الشيطان وليه دون أن يشعر.

في الآية خطاب لبني آدم من شر الشيطان الرجيم الذي يسعى لفتنة بني البشر من أجل الوقوع في الخطأ، هذه الآية تعرف أن عملية إخراج آدم من الجنة هي فتنة، المفتون هو الانشعال عن الأهم بشيء آخر، والشيطان شغلهم بأنهم إن أكلوا من هذه الشجرة، والإنسان لديه أربع وعشرون ساعة في اليوم فإن مسك الإنسان نفسه فلن يخرج من الجنة تجربة يومية لعدم الخروج عن الجنة.
من يتقي الله لن يعرى، والشيطان يريد أن يسلب هذا الإنسان هذه الكرامة التي كرم الله إياها الإنسان،
إنه يراكم من حيث لا ترونهم، هذه حقيقة من الحقائق التي يجب على الإنسان أن يعلمها، ويتعامل على أساسها في أن هناك عدو له يريد أن يحط من كرامته.
لابد وأن نعلم أن الشيطان يهدف إلى إخراج الإنسان بنفس السياسة التي تعامل بها مع آدم بأنه ( قاسمهما أنهما لمن الناصحين )

(وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (28))

إذا كان الآباء على عقيدة فإن الأبناء يعتقدون أن آباءهم كانوا على حق وعلى صواب، الفاحشة هي المبالغة في الشيء، وهنا يعطينا الله طريقة الشيطان في إخراج المؤمن من الشرع المطلوب أنه من خلال الفاحشة أي في المبالغة في الشيء ، ويبين هذا الأمر الآية ا لتالية التي وزنت هذا الأمر في قوله ( قل أمر ربي بالقسط ) والقسط هو إعطاء كل شيء حقه الذي يستحقه دون زياة أو نقصان،
وجدوا عليه آباءنا والله أمرنا بها : هناك أقوال في قبال كلام الله، وهو غير كلام الله ويعتبرون أن الله أمر بهذا الكلام، وهذا له علاقة بالموروث الذي يقدسه الإنسان الذي يرثه من آباءه ويجعله في مقام المقدس.

(قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (29))

القسط هو إعطاء كل ذي حق حقه،
وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد : اجعلوا توجهاتكم عند كل مسجد، توجهوا للمسجد ولا تتوجهوا لأي شيء آخر غير المسجد، وهذا الحديث يأتي كمقدمة لأن هناك من جعل توجهه لغير المسجد، وبناءً على هذا. وهذا يعني أن المباني الأخرى تسقط بهذا الأمر.
وادعوه مخلصين له الدين كما بدأكم تعودون: الدعاء لله سبحانه وتعالى،
كما بدأكم تعودون : هو يقول أنك ستعود لله سبحانه وتعالى،
العدل يختلف عن القسط ،

(فَرِيقاً هَدَى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمْ الضَّلالَةُ إِنَّهُمْ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (30))

بناءً على الرؤية التي تفرضها الآية السابقة فإن هناك فريقان، فريق هدى الله وفريق حق عليه الضلالة،
إنهم اتخذوا الشياطين أولياء: بداية السورة تتحدث عن ضرورة أن نتخذ الكتاب مصدر للدين، وأن خلاف ذلك هو ضلال بولاية الشيطان.
ويحسبون أنهم مهتدون: فهم على هذا الأساس يسيرون بافتراض أنهم على طريق الحق، وينشرون الكلام عند الناس على.
بداية الخطاب في السورة تحدث عدم اتخاذ الشياطين أولياء، وبعد ذلك قال ( وإذا فعلوا فاحشة ) في هذه الآية أمر ربي بالقسط، فريقاً هدى وفريقاً حق عليه الضلالة.

(يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31))

يابني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد: تشابه خذوا حذركم تعني احذروا، بالمشابهه يمكن أن نقول خذوا زينتكم أي تزينوا عند المسجد.
كلوا واشربوا ولا تسرفوا : كلوا واشربوا ولا تسرفوا ، أمر بالتعادل في الأكل
إنه لا يحب المسرفين : الأكل الزائد هو إسراف، الإسراف على النفس، والتبذير على الغير . لماذا قال: يابني آدم
المال والبنون زينة الحياة الدنيا:
ما هي الزينة : هل هي المال أم البنون حسب توافق الكلمة مع الآية في الموضوع الذي تتحدث عنه الآية.
هناك ارتباط بين الزينة والأكل والشرب، وكأن الأكل والشرب شيء يتوجه له من يقصد الدين والذي بحيث يكون هذا التوجه يأخذ بقية القيم التي يأتي من خلاله هذا المال وهذا الإطعام.

(قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنْ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (32))

الحرمة المقصودة التي تعنيها الآية هي حرمة إيصال المستحقات إلى أهلها، واحتكار الأموال لصالح الفقراء، فهذه الأموال حرمت بشرع وانحرم منها المستحق بشرع وهي تشبه بذلك الأموال التي تجمع بإسم الله ثم تذهب إلى غير الله.
قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا: الذين آمنوا وتوجهوا للمسجد ليصلوا ، وليأخذوا المال والنفقة،
الزينة هي القوة التي توضع للشيء فتكسبه القوة وتكسبه الجذب، الزينة لها علاقة بالرغبة ،
زين للذين كفروا الحياة الدنيا : رغب إلى ناس دينهم
لا يبدين زينتهن : لا تبدي ما يرغبه الناس فيها .
خرج بزينته : ظهر بالشكل الذي يرغب الناس فيه .
قد يكون هناك زينة من الأخلاق : الأخلاق زينة يمكن أن ترغب الناس فيك.
في الآية تقول أن هناك حرمة بسبب.

( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (33))

تتحدث هذه الآية عن الحرمة الحقيقية التي حرمها الله، وهي الفواحش، والفواحش هي المبالغة في فعل شيء قد يكون في أصله حلال ولكنه بالفاحشة وبالمبالغة يكون فاحشاً فيكون حراماً.
ما ظهر منها وما بطن: الظاهر هو الشيء المفهوم والمعلوم ، ولكن الباطن هو الشيء الذي قد اختفى في البطن أي تغلف بشيء يبدو أنه حقيقي ولكن أصله باطل، فلا يمكن أن تميز بطلانه بشكل مباشر وطبيعي.
الإثم : الاعتداء على حقوق الآخرين.
والبغي بغير الحق : يمكن أن يكون هناك بغي بحق، وأن تبغي أي أن تريد شيء، أن تبغي أي أن تأخذ شيء.
وأن تشركوا بالله مالم ينزل به سلطاناً: هذا يعني أننا لا نزال نعتبر أن الله هو الإله ولكن نضع مع الله إله آخر.
هناك شرك بالله بسلطان: وأطيعوا الله وأطيعو الرسول ، هذا شرك في الأمر، كذلك الوالدين ، أو الكعبة .

( وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ (34))

لكل أمة نهاية، وهذه النهاية حتمية ، وهذا يعني أن الله سيحاسب هذه الأمم يوم القيامة على انحرافها. الأمة هي التي تتأسس على أساس إمام جديد، فإذا كان الإمام الجديد خارج ملة إبراهيم فهو خارج الملة وبالتالي يؤسس لدين جديد ولأمة جديدة.

( يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنْ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (35))

هدف الرسل هو أن يعيدوا الناس إلى الطريق الصحيح الذي انحرفوا عنه ،والتعديل يكون بالعودة إلى آيات الله .

( وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (36))

المشكلة الرئيسية في الموضوع هو الكذب بالآيات، وبأي وسيلة كانت كما حدث إلى آدم مع ابليس الذي خدعه بإسم الدين .

( فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ أُوْلَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنْ الْكِتَابِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُوا أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ (37))

فمن أظلم ممن افترى على الله الكذب، لأن سبب الانحراف عن الدين هو الكذب، فهؤلاء ينالهم نصيبهم من الكتاب أي أن لديهم كتاب وفي هذا الكتاب نص على أن من يكذب على الله فسيناله العذاب،
حتى إذا جاءتهم رسلنا يتوفونهم أين ما كنتم تدعون من دون الله ، أين الذين كنتم تدعونهم من دون الله سبحانه وتعالى هناك من يدعوهم من دون الله ويرجون حضورهم في هذه اللحظة ولكنهم لم يأتوهم في هذه اللحظة وكان خلاف ما كانوا يفترون على الله .