مدونة حلمي العلق

سورة آل عمران من آية 116 إلى آية 120

 | ayat | alimran

(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنْ اللَّهِ شَيْئاً وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (116))

الآية تتحدث عن الذين كفروا من أهل الكتاب الذين لم يؤمنوا حسب الآيات السابقة في السورة، ومن خلال فهم الآية نفهم أن لديهم كثرة من الأموال والأولاد، على أن تلك الكثرة لن تغنيهم من الله شيئاً، لن تغنيهم في الآخرة ، ولن تنفعهم في الدنيا إن كانت لهم نية في مواجهة المؤمنين مواجهة عسكرية للقضاء عليهم. " أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون"، واختياره لكلمة المصاحبة هو التلازم مع النار لا ينفك عنها، هم فيها خالدون أي باقون في نفس المكان بصورة دائمة.

(مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمْ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (117))

هذه الآية تبطل قيمة ما ينفقون وأن ما ينفقونه ليس له وزن عند الله يوم القيامة، ومنها نفهم أنهم ينفقون دينياً وكأن ما ينفقونه له قيمته ظاهراً، ولكن نتيجة لكفرهم برسالة النبي محمد (ص) فإن هذه الأموال ستتحول إلى رماد لا قيمة له يوم القيامة، والتشبيه في الآية بالحرث وهو الزرع والجنات الكثيفة التي أصابها صائب من السماء فأحرقه وأهلكه كاملاً ، وما ظلمهم الله ولكن أنفسهم يظلمون.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتْ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمْ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (118))

البطانة هي الجماعة التي يجالسها الإنسان في السر لا في العلن ، ولها تأثيرها في قراراته وانتماءاته، وهذا نداء خاص للمؤمنين الذين آمنوا بالرسول واتبعوه، والجماعة التي تحددها الآية هي الجماعات المعادية للمؤمنين والذين يكتموه البغضاء في صدروهم تجاه المؤمنين، وقد بدت البغضاء من أفواههم، والبدو هو بداية ظهور الشيء، وهنا بداية ظهور البغضاء ولهذه البغضاء بقية باقية أكبر منها مخفية في الصدور. وهذه الفئة هي التي انقلبت على الإيمان وتحمل في قلبها البغضاء والحقد والكراهية تجاه المؤمنين بسبب مايحملونه من إيمان وعقائد خالفت ماهم عليه. والآية تأمر المؤمنين أن لا يأخذوا بطانة من دونهم، لأن هذه البطانة سيكون لها تأثيرها السلبي في إيمان المؤمنين واستمرارهم على إيمانهم.
والآية تعطي مؤشرات لهذه الجماعة، وهي أنهم لا يألون المؤمنين خبالاً، يؤلي: أي يمنع شيء من الخبال والخبال هو السوء والنقصان، أي شيء يسيء للمؤمنين.

(هَاأَنْتُمْ أُوْلاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمْ الأَنَامِلَ مِنْ الغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (119))

الله يصف المؤمنين بأنهم يحبون الآخرين، ويقول بأنهم يؤمنون بالكتاب كله وهو الإيمان الحقيقي بالكتاب، أن يكون الإيمان بكل الكتاب، على خلاف الطرف الآخر الذي يعادي المؤمنين ويضمر لهم العداوة والبغضاء، هم يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض الكتاب، وهذا الإيمان المجزء للكتاب هي المشكلة التي على أساسها كانت البغضاء.
والإيمان ببعض الكتاب يعني الكفر ببعضه، والكفر ببعض الكتاب في الجزئيات التي تسقط الكيانات التي الأنا.

(إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (120))

الآية تشير إلى إحساس الطرف الآخر الذي يبغض، ومن هذا البغض وصل إلى الحسد، فأصبح يفرح بما يصيب المؤمنين من شر، ويستاء إن أصابهم الخير، وأصبحوا يكيدون للمؤمنين حسداً وبغضاً وكراهية.
وملامح الإستياء أو الفرح يمكن أن يلاحظها المؤمنون على وجوه هذه الطائفة، فهي مؤشر يجعل من المؤمنين في حذر منهم. لذا فالآية تقول للمؤمنين " وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئاً" فمهما يمكرون فإن الله بما يعملون محيط، وإحاطة الله تعني أنه متمكن بما هو محيط به ويعلم بوجوده.
الآية تبين صفة من صفات المنافقين وهي ما يضمره من حقد تجاه المؤمنين، والشماتة ليست من صفات المؤمنين بل هي من صفات المنافقين. والمؤمن مطمئن في نفسه ليس فيه من الحقد ولا الحسد.