سورة آل عمران من آية 52 إلى آية 63
| ayat | alimran(فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمْ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (52))
لم يقبل بنوا إسرائيل الاتجاه الذي ذهب به نبي الله عيسى (ع) وهو اتجاه الذهاب ناحية الله سبحانه وتعالى ونبذ الربوبية لغير الله، وأحس عيسى عليه السلام أن قومه يصدون عن كتاب الله وعن آياته ويعتمدون على أربابهم في الدين، والإحساس غير اليقين، فهم لا يعلنون كفرهم ولا يسيرون على الحق، هنا نادى نبي الله عيسى من أنصاري إلى الله، هنا تكلم الحواريون قالوا نحن أنصار الله آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون إلى كتاب الله وإلى آيات الله، وفي هذا دلالة على ارتباط كلمة الإسلام بالكتاب وبآيات الله.
الحواريون قد يكونوا سموا بالحواريين من قبل الله سبحانه وتعالى بعد أن أعلنوا اتباعهم لنبي الله عيسى.
(رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (53))
أعلن الحواريون إيمانهم بما أنزل الله على نبي الله عيسى (ع) وأعلنوا اتباعهم للرسول على أنهم آمنوا أنه رسول من عند الله وسيكونون على تبعيته، وهم هنا يدعون الله بأن يكتبهم مع الشاهدين والشهداء هم الذين يبلغون رسالات الله، وهذا هو استجابة إلى الله في طلب عيسى بأن طلب بأنصار إلى الله.
(وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (54))
هذا هو مكر الذين كفروا من بني إسرائيل، وهذا المكر هو السعي في قتله وتصفيته، ولكن الله خير الماكرين حيث مكر بهم.
(إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنْ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (55))
الله سبحانه وتعالى مكر بهم بأنه توفاه ورفعه، وهذه الرفعة قد تكون رفعة جسدية عن الأرض وعن الذين كفروا والذين أرادوا به كيداً، وبهذا الإبعاد فقد طهره منهم، والطهارة هي إبعاد شيء عن شيء آخر، وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة وهذا الأمر متتابع إلى يوم القيامة أي بعد موت ذلك الجيل تأتي أجيال من بعدهم تتبع، وسيبقى أتباع نبي الله عيسى لهم الغلبة على الذين كفروا إلى يوم القيامة.
(فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (56))
المقصودين بهذه الآية هم بنو إسرائيل الذين كفروا بدعوة نبي الله عيسى (ع)، مع الإشارة إلى أن دعوة عيسى جاءت لتصحح الطريق الذي كانوا عليه. الذين كفروا سيعذبوا في الدنيا وهذا ما سيحصل إلى بني إسرائيل الذين كفروا.
(وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (57))
تتحدث الآية عن الذين آمنوا بدعوة نبي الله عيسى (ع) بأنهم عملوا الصالحات على ما آتاهم الله من علم وهدى، والآية تقول أن الله سيوفيهم أجورهم على أساس الإيمان بالتوراة والإنجيل، لا على أساس غيرها لأن في الاعتماد على غيرها ظلم.
(ذلِكَ نَتْلُوهُ عَليْكَ مِنْ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ (58))
هل المقصود بالآيات هو الموجودة في الإنجيل؟ على أن الإنجيل ذكر هذه الحقيقة؟ على أن الذكر الحكيم هو القرآن الكريم . كلمة ذلك في بداية السورة تشير إلى ارتباط هذه الآية بما قبلها، فالذي كان قبل هذه الآية هو من الآيات والذكر الحكيم.
(إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59))
يقال عن نبي الله عيسى أنه كلمة الله لأن الله سبحانه وتعالى قال كن فكان، ولديك مثل في آدم الذي خلق من تراب ثم قال له كن فيكون، وفي هذا نفي لبنوة الله.
(الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنْ الْمُمْتَرِينَ (60))
ما هي درجة قوة هذه العقيدة في الوسط الذي كان يعيشه النبي محمد (ص) حتى تقال هذه الكلمة، وكلمة الله تنفذ لأنه إله، وعندما يقول الله سبحانه وتعالى الحق من ربك فهذا يحتم على الإنسان أن يتيقن بما ينزله الله.
(فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنْ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (61))
الابتهال هو دعاء لله ، ولكن هذا الدعاء مخصص هنا وهو أن نجعل لعنة الخطاب موجه للنبي محمد (ص) بأن يواجه المسيحيين المؤمنين ببنوة نبي الله عيسى، فالحقيقة هي ماقالها الله سبحانه وتعالى أنه بشر ولكن مثله مثل آدم، فهذا هو العلم، فاجمع هؤلاء الأشخاص وابتهل مع هؤلاء القوم، وهي أن تحل اللعنة على الكاذب. وهنا يجب أن يؤخذ الكلام على أن اليقين هو من عند الله سبحانه وتعالى أي ما ينزله الله. وكلمة العلم بخصوص هذا الموضوع في موضوع نبي الله عيسى وليس أي علم، بدون علم يعني من خارج القرآن. وهو عندما يباهل فمن الطبيعي أن يباهل بأقرب الناس إليه لأنه يعتقد بصدق ما يتحدث به وهو واثق بالعلم من عند الله سبحانه وتعالى.
هناك فائدة من هذه الآية في أن الذين يعتقدون ببنوة عيسى (ع) هم الذين أوقفوا الرسول عن دعوته في أنه لا ولد لله سبحانه وتعالى.
(إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ اللَّهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (62))
الله سبحانه وتعالى يتحدث عن القصة الحقيقية لنبي الله عيسى (ع)، وهو بهذه القصة ينفي أن يكون عيسى ابن الله، لذا يقول وما من إله إلا الله لأن الذي يفترض أن عيسى هو ابن الله أصبح له وليس عليه فهو يدين ولا يدان وهذا هو الإله، والآية تتحدث عن الحقائق وليس تتحدث عما يتحدث الناس، وحتى لو لم يتحدث الناس بلفظة "الإله" في وصف عيسى(ع) ولكن الله يقول أن هذا تأليه لعيسى.
"وإن الله لهو العزيز الحكيم" الله سبحانه وتعالى هو عزيز ولا يحتاج لولد وحكيم في ما فعله بعيسى وما يقوله .
(فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ (63))
الإفساد هو اعتبار أن عيسى ابن الله، وهذا الفساد يبدأ بفساد الفكرة ويصل إلى القتل.