سورة آل عمران من آية 93 إلى آية 99
| ayat | alimran(كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلاًّ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (93))
هذه الآية تناقش تحريم بني إسرائيل لبعض أنواع الطعام بناءً على مرويات نقلت عن نبي الله يعقوب "إسرائيل" ، والله يقول لهم إذاً فأتوا بالتوراة فاتلوها فانظروا لحقيقة التحريم، لأن الحقيقة هناك في الكتاب السماوي. وقد تكون كلمة "إسرائيل" تعني بني إسرائيل من بعد يعقوب وليس في حياته.
(فَمَنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ (94))
هذه الآية تبين أن الإدعاء على "إسرائيل" هي كذب على الله نسب إليه، وبعد تلاوة التوراة فإن أي أحد يضيف محرمات على الأصناف التي حرمها الله يعتبر كاذباً على الله، حتى وإن اعتمد على مرويات غير الكتاب.
(قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ (95))
صدق الله في التوراة في أن الحقيقة هي أنه لايوجد أي تحريم غير الذي قاله الله في التوراة، وأن التوراة هي ملة إبراهيم التي يدعون أنهم سائرون عليها. وهذا يعني أن هناك ملتان، ملة مكتوبة في التوراة، وأخرى ملة منقولة من خارج الكتاب تنسب إلى اسرائيل أو أي أحد من الأنبياء. والله سبحانه وتعالى هنا يقول لهم هناك ملة حقيقية وهناك ملة مزيفة فاتبعوا الملة الحقيقية الموجودة في الكتاب السماوي. والآية تحذّر من إدخال الهوى في التحريم والتحليل.
(إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ (96))
الآية تقر حقيقة وهي أن أول بيت وضع للناس هو المسجد الحرام، وهذا المسجد هو الذي بناه نبي الله إبراهيم، ومن الآية تفهم أن من أهل الكتاب من حرف هذه الحقيقة وحولها إلى مكان آخر ، وهو ما نفهمه في سورة البقرة حين بيّن أن القبلة هي المسجد الحرام وليست المسجد الأقصى، ومنه نفهم أن بعض من أهل الكتاب حرّفوا هذه القبلة إلى المسجد الأقصى تبعاً لأهداف طائفية. لقد جعل الله سبحانه وتعالى هذا البيت هدىً للعالمين أي أن وجوده يكون سبباً لهداية الناس لله سبحانه وتعالى وإلى نهج الله. عندما يحج الناس إلى البيت يكون سبباً ذلك في هدايتهم إلى نهج الله وإلى كتاب الله.
هناك تساؤلات كثيرة يمكن طرحها من خلال هذه الآية:
1- لماذا قال بكة ولم يقل مكة؟
2- كيف تكون هي البركة ؟
3- كيف يكون الهدى للعالمين؟
4- هل هناك فرق بين وضع، وبين جعل للناس؟
(فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ (97))
مقام إبراهيم هو قيمة إبراهيم ومقداره في كيان هذا الدين، وهو قيمة عملية، فمقامه أمام البيت، لن يأتي أد لإبراهيم لذاته ولكنه سيأتي للمكان لله، واتخاذ مقام إبراهيم مصلى أي جعل إبراهيم إمام في الصلاة ،
الآيات البينات هي الدلالات التاريخية والآثار الدالة على ذلك، والله سبحانه وتعالى يعتبر هذه الآثار آيات، كما يقول في آية أخرى إن في ذلك لآية للمتوسمين. من ضمن آيات الله هي عرفة ، الصفا والمروة ، الشكل الذي عليه البيت الآن متوافق مع ما هو موجود في الكتب السماوية.
إذا كنت تريد أن تلتمس الهدى والبركة، فالتمسها عند هذا البيت وليس عند غيره، وهذا لأن الله قال هذا الكلام. وأنه لله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً، والاستطاعة في القدرة على الوصول، ومن كفر بأن هذا البيت هو أول بيت، ومن كفر بأنه لم ينفذ الحجة المطلوبة منه فإن الله غني عن العالمين.
البيت هو مكان الله سبحانه وتعالى، وهو المكان الذي يتنسك فيه المؤمن ويطلب فيه مايريد من رب العباد ، تماماً كما يعمل في المقامات التي تقام لقبور الصالحين ، في الطلب وفي الاقتراب ، كل الأشياء التي تعمل لتلك المقامات والمزارات تعمل هنا لله، هناك قيم معنوية يمكن للإنسان أن يفعلها بشعوره أمام الله سبحانه وتعالى، وذلك عندما يستشعرها مادياً، والكعبة شيء مادي له علاقة بالله سبحانه وتعالى ، الحاج إليه يحضر أمام بيت الله.
(قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ (98))
أمر للرسول محمد (ص) أن يوجه التساؤل إلى أهل الكتاب الذين غيروا وبدلوا في دينه، بدلوا في أحكام الطعام، وبدلوا في أول بيت وضع للناس، متبعين بذلك دين آباءهم ومتبعين بذلك كتب أخرى غير كتاب الله. وفي هذا دلالة على أن النبي جاء ليصحح مسار أهل الكتاب لا أنه جاء ليبدأ في دين جديد.
"والله شهيد على ما تعملون" كل عمل تعملوه في كتم الحق وإبعاد الناس عن الحقيقة، العلم هو بلوغ العلم، ولكن الشهادة هي رؤية الشيء.
(قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجاً وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (99)).
وهنا أيضاً آية تأمر الرسول أن يوجه السؤال لأهل الكتاب والعتاب بأنهم لم يصدون عن حقائق الكتاب؟ مع العلم أنهم يشهدون بحقيقة دعوة الرسول، وبأنه هو الحق فيما يدعو إليه. وشهادتهم واردة من التوراة، لأنهم يعلمون التوراة، والتوراة باللغة العبرية أو السريانية القديمة، وهم حفظة للتوراة ويعلمون مافيها، ولذلك هم يشهدون بتطابق ما يرد على الرسول بما لديهم في الكتاب.