مدونة حلمي العلق

سورة النساء من آية 15 إلى آية 18

 | ayat | alnnisa

(وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً (15))

عندما نريد أن نفهم الفاحشة التي تتحدث عنها الآية نكمل القراءة للآية التالية، والآية التالية تتحدث عن " اللذان يأتيانها منكم"، ومنها يمكن أن نفهم أنها الفاحشة المثلية للرجال، وعليه يمكن أن نفهم أن هذه الآية تقصد الفاحشة المثلية بين النساء.

" واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم" هن نساء يمارسن الفاحشة المثلية، والممارسة لا تعني أنها ليست مرة واحدة ولكنها ممارسة مستمرة، وهذه الممارسة أدت إلى الانفضاح والانكشاف.

"فاستشهدوا عليهن أربعة منكم" الخطاب موجه لولي الأمر الذي اكتشف هذه الحالة، الآية تطالبه أن يستشهد أي أن يبحث من هو أهل للشهادة على هذا الأمر فيشهد على حالها وعلى ممارستها لهذه الفاحشة.

" فإن شهدوا " هذا اشتراط بتحقق الشهادة، فإن تحققت هذه الشهادة برؤيتهم وشهادتهم على هذه المشكلة " فأمسكوهن في البيوت حتى يتوافهن الموت" هنا يحق لولي الأمر أن يمسك هذه الفتاة وأن يمنعها من الخروج من البيت كي لا تنزلق في هذه الفاحشة. " أو يجعل الله لهن سبيلاً" بالخروج من هذا البيت عن طريق سبيل شرعي، والسبيل الشرعي الذي نعلمه في هذا الشأن هو الزواج.

(وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّاباً رَحِيماً (16))

" واللذان يأتيانها منكم " المقصود هو فاحشة الذكور، كما هي فاحشة قوم لوط، " فآذوهما" أمر للمؤمنين بأن يؤذوا هذين الشخصين، والإيذاء يمكن أن يكون باللسان ويمكن أن يكون باليد والهدف هو من أجل إيقاف هذا الفاحشة. " فإن تابا وأصلحا" التوبة هي الانقطاع عن الذنب وعن الفاحشة، " وأصلحا" في السلوك الفاحشة بكل حيثياتها وبكل سوئها الذي تم ارتكابه في هذا السبيل، " فأعرضوا عنهما" الإعراض هو في التوقف عن الإيذاء، والإعراض هو في عدم الالتفات وعدم ذكرهما بسيئتهما التي كانوا يمارسوها، " إن الله كان توابًا رحيما" يجب أن لا نحاسب الناس على ذنب انقطعوا عنه، لأن الله كان توابًا رحيما، تواب يقبل التوبة من عباده، ورحيم بتجاوز هذه الذنوب.

(إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (17))

التوبة هي الانقطاع عن ممارسة معصية، لأن المعصية أو الذنب يتحول إلى عادة، والآية الشريفة " إنما التوبة على الله" فلا يتوب الإنسان حتى يتوب الله عليه، ومعنى ذلك هو أن يوفقه الله للانقطاع عن الذنب أو المعصية ثم يعطيه الله سبحانه والقوة على تواصل الانقطاع، فلمن جعل الله هذه التوبة؟ جعلها "للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب"، عمل السوء وهو السيئة عن جهالة منه ثم تاب عن قريب، أي انقطع عن ذلك لم يتهاون ولم يتمادى ويتواصل في هذه المعصية، " فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليماً حكيماً" هؤلاء هم الذين يقبل الله توبتهم ويوفقه للانقطاع عن ذنبه، والله عليم بذات الصدور وحكيم في شرائعه وأحكامه وقبوله لمذنبين.

(وَلَيْسَتْ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً (18))

" وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبتب الآن" حضور الموت ليس كمجيء الموت، حضور الموت هو حضور علامات الموت التي يشعر من خلالها الإنسان باقتراب علامات الموت، وفي هذه الحالة قد يشعر الإنسان بالضف الذي لا يؤهله لارتكاب المعاصي أكثر، ولأن التوبة انقطاع عن ذنب، فإن انقطاع الإنسان في هذه الحالة ليست مقصودة وليست بإرادة ولكن بسبب ضعفه ودنو أجله، ففي هذه الحالة تكون التوبة غير مقبولة عند الله، وهذا الإنقطاع ليس محسوبًا كتوبة.
" ولا الذين يموتون وهم كفار" الذين يموتون على كفر بأوامر الله التي بينها، ويسبق هذه الآية آيات تتحدث عن الفاحشة، وفي آية (16) قالت : " فإن تابا وأصلحا " وهو الانقطاع عن معصية الفاحشة، لأنها فاحشة متواصلة ومستمرة.