التزكية
يقول الله عز وجل:
﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ التوبة (103)
الآية الكريمة تخاطب النبي وتقول له "خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا" تطهرهم من الماضي وما فيه من دنس وتزكيهم وترفعهم إلى مرتبة إيمانية وسلوكية أعلى، إذًا يربط الإنفاق بمسمى التزكية من أجل أن يكون للعمل هدف وهو ارتقاء الإنسان إلى مراتب متقدمة. و سمي إنفاق المال في سبيل الله زكاة، ولم تسم سائر العبادات بذلك، ذلك لأن للأموال علاقة وطيدة بحب الدنيا، وإيتاء المال في سبيل الله دليل على بيع الدنيا من أجل الآخرة، وبذلك كان إيتاء المال له علاقة أساسية بتزكية النفس وتقربها من الله عز وجل.
قد يعمل الإنسان الأعمال الصالحة لهدف غير مرضاة الله، ولكنه عندما ينفق المال في سبيل الله سرًا وعلانية فإنه يبيع الدنيا من أجل الآخرة فتحصل له التزكية كشهادة له على حسن تصديقه بالآخرة.
عندما يُراد اختيار أحد ما لمهمة محددة، يتم ذلك بإجراء اختبار أو انتخاب فيزكيه الآخرون من أجل تلك المهمة، ولكن بالنسبة للتزكية الإيمانية بالإنفاق فهي من دون ذلك، فالتزكية الإيمانية هي اختيار شخص من دون انتخاب ومن دون اختبار من أحد، فالإنسان هو الذي يزكي نفسه من كل ما يحجبه عن الآخرة ويثبت صدقه فيما يدعي من إيمان من خلال الإنفاق.