مدونة حلمي العلق

دراسة الكلمات

 | astudy-in-the-verse-of-Sharia

مقدمة

وردت العبارة القرآنية الشريفة ( لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً ) في الآية التالية:

﴿ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنْ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ﴾ المائدة (48)

أولًا : الوقوف عند كلمات العبارة

1- لكل : "اللام" تعني لهم، "كل" تعني شمول جميع المعنيين بالخطاب

2- جعلنا: الجعل في هذا السياق وضع الشيء في مكانة واعتبار معين بمشيئة الله.

3- منكم : هم المعنيون المخصصون بالخطاب.

4- شرعة : شرع، شرعة ، مثل خلف خلفة في قوله تعالى :

﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً ﴾ الفرقان(62)

النهار خلف الليل أي جاء بعده ، فالنهار خلفةً لـ الليل، والليل خلفة للنهار. بالمثل يمكن أن نقول: أن الله سبحانه وتعالى شرع الدين للناس، فالدين شرعة لهم. وقد تبيّن من دراسة كلمة "شرع" أن الشيء المشروع هو ممكن الوصول، ومتاح وفي متناول الجميع، وتوجد الإمكانية لأي أحد أن يصل لهذا الشيء، فلا يحتجب عن أحد ولا يمنع عنه أحد. والدين شرعة للناس في الكتب المنزلة، يمكن لأي انسان الوصول إليه.

5- ومنهاجاً : النهج هو وسيلة توصل إلى غاية يريدها الإنسان.

6- (لكل جعلنا) : العبارة القرآنية الشريفة ( لكل جعلنا ) وردت في القرآن الكريم مرتين، الأولى في سورة النساء والثانية في سورة المائدة والتي هي مدار البحث، في سورة النساء يقول الله سبحانه وتعالى :

﴿ وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً ﴾ النساء(33)

وقوله تعالى (لكل جعلنا) أي لكل من يحتاج إلى مولى يتولى أمره جعل الله له ذلك، فالله جعل الحياة على هذا النهج وهذه السنة، المولى هو المجعول للكل من المعنيين بالخطاب في الآية. أضيفت لهذه العبارة كلمة ( منكم ) في الآية الثانية التي هي في سورة المائدة مدار البحث، لتصبح (لكل جعلنا منكم) وفي هذا إشارة إلى تخصيص الجعل إلى من هم معنيون بالحديث في سياق الآيات.

حسب السياق فالمعنيون هم الطوائف التي تكونت بعدها الأمم الثلاث في الديانات الإبراهيمية، الأولى هي اليهودية التي كان يجب أن تحكم بالتوراة، والثانية هي المسيحية التي كان يجب أن تحكم بالإنجيل، والثالثة هي الطائفة التي تبعت النبي محمد (ص) والتي تحكم بالقرآن الكريم.