سورة الأعراف من آية 23 إلى آية 28
| ayat | attawbah( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنْ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ (23))
الخطاب للمؤمنين حول قرابتهم الذين يؤثرون عليهم في الدين، وهم الآباء والإخوة وهم من الذين ينصبون لهم العداء ويحاربونهم،
(قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (24))
منغصات الإيمان الثمان : الآباء والأبناء والإخوان والأزواج والعشيرة والأموال والتجارة والمساكن، وموضوع المحبة يطلب من المؤمن من بداية الإيمان بأن يكون أشد حباً لله، ولكن الحقيقة لا تظهر إلا في الامتحان، المفاضلة في وقت الأمر يتضح إيمان المؤمن هل يختار هذه المنغصات الثمان على الإيمان، والدين يجب أن يقدم على كل شيء يهواه الإنسان، وهذه هي مواضع الهوى ومع وضع المؤمن في المحك.
المؤمنون في سياق الآية في المحك، وهذا يعني أنهم سيحدد اتجاههم من خلال اختيارهم إما أن يختار الله ورسوله والجهاد أو أنه يركن إلى كل تلك المنغصات.
(لَقَدْ نَصَرَكُمْ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمْ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (25))
الله سبحانه وتعالى يذكر المؤمنين ضعاف الإيمان بحالة مرت عليهم سابقاً وهي حالة الضعف التي مروا بها في معركة قريبة وهي حنين، وهنا الله سبحانه وتعالى يذكر بنصر الله لهم في مواطن كثيرة في مقابل نصرة العشيرة أو نصرة المال أو نصرة الإخوان وهكذا، فإن الله هو أعز وهو الناصر، وهنا الآية تتحدث عن يوم حنين وهي معركة قريبة حصلت للمؤمنين الذين تخاطبهم الآية بالتحديد وهم الذين في قلوبهم حب لمنغصات الإيمان التي ذكرتها الآية السابقة، وهم الذين فروا يوم حنين، وفي ذلك الموقف أعجبتهم الكثرة وإعجابهم بالكثرة تعني إعجابهم بمظاهر الحياة دون النظر في حقائق الأمور الغيبية التي يتدخل فيها الله سبحانه وتعالى.
هنا يخاطبهم الله سبحانه وتعالى قائلاً لهم " لقد نصركم الله في مواطن كثيرة" يقول لهم النصر من عند الله والله نصركم فلا تنشغلوا بالمظهر، ولا يغرنكم قوة وسلطة ومكانة الأعداء من الدين، ولا تؤثر فيكم علاقتكم وقرابتكم بهم.
(ثُمَّ أَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (26))
في يوم حنين وفي ذلك الموقف يقول الله سبحانه وتعالى " وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليت مدبرين" أي أن هذه الفئة ضعيفة الإيمان فرت في ذلك اليوم وتراجعت عن مواقعها على الرغم أنها في البداية قد أعجبتها كثرتها، ولكن في أثناء الحرب وحين اشتد الوطيس زلت أقدامهم وهربوا من المعركة، وبعد توليهم أنزل الله سكنيته على الذين ثبتوا في المعركة وهم الرسول والمؤمنون الثابتون، وبعدها أنزل الله جنوداً من الملائكة نصروهم بدون أولئك الذين تولوا مدبرين.
(ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (27))
أي بعد تلك الحادثة وهي حادثة حنين، يتوب الله من بعد تلك الحادثة على من يشاء منهم، وتلك التوبة هي لهذه الفئة التي ولت مدبرة يوم حنين، ويتوب الله عليهم بعد تجاوزهم للفتن المقبلة وتطبيق أوامر الله.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (28))
هذا خطاب للمؤمنين بتعريف المشركين على أنهم " نجس" وهذا التعريف مهم للمؤمنين، ولا يمكن لهذا التعريف أن يكون قائماً إلا إذا كان المشركون متداخلون مع المؤمنين في حياتهم ومعيشتهم، والنجس هو الدخيل الذي لا تثق فيه، والآية تبين أنهم ليسوا مؤمنين، وليسوا منكم، فلا تأمنوهم ولا تتعاملوا معهم.
" فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا" وهذا الأمر الذي معناه أن هؤلاء المشركون متواجدون في المسجد الحرام، وكيف يمكن إبعادهم عن المسجد الحرام؟ بمحاربتهم