مدونة حلمي العلق

سورة التوبة من آية 48 إلى آية 55

 | ayat | attawbah

(لَقَدْ ابْتَغَوْا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ (48))

يتحدث عن هذه الفئة التي استئذنت من الرسول، والله سبحانه ينبئ النبي (ص) بأن هذه الفئة لو خرجت فيكم لاضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة، وهنا ينبئ بأن هؤلاء كان لهم سابقة في ابتغاء الفتنة وفي ابتغاء إيقاع الفتنة بين فئات المؤمنين وطوائفهم.

"وقلبوا لك الأمور" قلبوا الحقائق المتعلقة بالعدو وفي ضرورة مواجهته " حتى جاء الحق" جاءت الحقيقة في هذه الآيات وفي هذه السورة التي كشفت الجميع من الأعداء والمنافقين، " وظهر أمر الله وهم كارهون" ظهر حقيقة هؤلاء الأعداء وظهر أمر الله في المواجهة والقتال وهم كارهون لإظهار هذه الحقائق، وإظهار أمر القتال.

(وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ (49)

تبدأ هذه الآية الشريفة بتصنيف الفئات التي لم تخرج مع الرسول في هذه الحرب التي أمر الله بها، وهذا التصنيف فيه دقة كل فئة بصفة مميزة تميزها عن غيرها، فهذه إحدى الفئات التي جاءت تستئذن الرسول بقولها "ائذن لي ولا تفتني" لا تفتني أي إنني إذا خرجت معك سأفتن بسبب وضع بيتي لأنه عورة وأنا مضطر للقعود ولحمايته، وهذا هو ديدنهم.

" ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين" هم في حقيقتهم قد سقطوا في الفتنة فقد فتنوا حين لم يخرجوا، وحين ظنوا بالله الظنون.

(إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوا وَهُمْ فَرِحُونَ (50))

" إن تصبك حسنة تسؤهم " هذه حقيقة عميقة في نفوس هؤلاء الذين يتظاهرون أنهم منكم وأنهم جزء من المؤمنين ولكن حقيقتهم أنهم ليسوا من المؤمنين، وإنما هم من المنافقين الذين يضمرون في نفوسهم الكراهية لكم ويتمنون لكم السوء، فإن أصابكم الخير أساءهم ذلك لأنهم لا يريدون لكم الخير " وإن تصبك مصيبة يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل" أما حين تصبكم مصيبة فيقولوا قد أخذنا احتياطاتنا من أن نقع معهم في مثل هذه المصائب، وهذا يبيّن لماذا هم يستأذنون من النبي لتوقعهم أن النبي ومن معه لن ينقلبوا إلى خير، "ويتولوا وهم فرحون" يظهرون لكم المواساة للمصيبة التي أصابتكم ولكن حين يتولوا عنكم يعيشوا الفرح لهذه المصيبة التي أصابتكم.

ويلحظ في الآية أنها لم تقل "إن تصبكم" وإنما قالت " إن تصبك " تقصد النبي محمد (ص)، وكأن القضية الإيمانية منحصرة فيه وفي اتباعه.

(قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ (51))

حديث الآية الشريفة يأتي في سياق الرد على الذين يقولون :" قد اخذنا أمرنا من قبل"، أي أخذنا احتياطاتنا حتى لا نقع في هذه المصيبة التي وقع فيها المؤمنون، والرد على هذه العقيدة هو " لن يصيبنا إلا ماكتب الله لنا"
هذه هي كلمة الإيمان، كلمة الذي يسير في حياته على أساس من التوكل على الله، هم مؤمنون بالأمر الذي،

(قُلْ هَلْ تَربَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمْ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ (52))

(قُلْ أَنفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْماً فَاسِقِينَ (53))

المشكلة التي تعرضها الآية الشريفة هي أن هؤلاء لن يتقبل منهم، من الآن فصاعدًا، وهذا يشير إلى ذنب ارتكبه هؤلاء وهذا الذنب ذنب عظيم في أمر الرسالة، والآية تبين أن سبب عدم قبول الإنفاق هو الفسوق وستبين الآية التالية حقيقة هذا الفسوق.
أما الصفة التي تتحدث عنها الآية في كونه إنفاق طوع أو كره، فهو بسبب الحالة الاجتماعية العامة التي تفرض الإنفاق، والآية تخاطبهم بصورة مباشرة " إنكم كنتم قومًا فاسقين" وبهذا فإن الآية تبين أنهم قوم فاسقون عن أمر الله الذي جاءهم من قبل والآن.

(وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلا يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ (54))

"وما منعهم أن تقبل منهم نفاقتهم" كلمة النفقات تدل على كثرة الإنفاق من قبل هذه الفئة، وفي قوله تعالى " منعهم " تشير إلى أنه يرغب أن تقبل منه هذه النفقات وأن تحسب له في سبيل الله، ولكن هناك أشياء منعت هذا القبول، ومنعهم من أن يقبل منهم، هم يريدون القبول من الله، ولكن حالة الإيمان التي تكون سطحية

(فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (55))

الآية تبين أن هذه الفئة لديها من الأموال ومن الأولاد مايعجب الرسول والذين آمنوا بأن منهم من لديه هذه القوة المالية، ولديه هذا العدد من العشيرة.
الآية تخاطب الرسول بأن لا تعجبك أموالهم ولا أولادهم، والإعجاب هو حالة طبيعية يقع فيها الإنسان بناءًأ على ما يشاهده، وهو إحساس غير إرادي، ولكن الآية عندما تقول للرسول "لا تعجبك" فهي تعني لا يكونن ذلك مغيرًا لتصديق الحقيقة التي أخبرك عنها فيهم.