مدونة حلمي العلق

سورة البقرة من آية 208 إلى آية 215

 | ayat | elbakara

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (208))

السلم: سلموا أمركم إلى الله، الإذعان لله بدون رفض ومقاومة، وكلمة كافة تشير إلى أن المخاطبين هم طوائف عدة ، وأن الشيطان الرجيم هو العدو الحقيقي لكل الديانات. أو أن الآية تقول ادخلوا في السلم عكس الحرب والتي يريدها الشيطان الرجيم.

(فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمْ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (209))

الزلل هو الوقوع في الخطأ بعد إظهار البينات في هذا الكتاب، فاعلموا أن الله عزيز حكيم، أي أن العزة لله يرسل هذه البينات وهو في عزة وله الحكمة.

(هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَهُمْ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنْ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ (210))

الرجوع ليس رجوع مكان، ولكن رجوع تمكين ، بمعنى انتهاء الخلافة وعودة الله سبحانه وتعالى لمحاسبة الإنسان.

(سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (211))

النعمة هي الدين والأحكام التابعة لله سبحانه وتعالى (اليوم أكملت لكم دينكم) وهذه الأحكام تتبدل بالسنن، والله في هذه الآية يهدد بشدة العقاب لهذا التبديل، والآية السابقة تقول فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات، الكلام محصور في الشرع ومعرفة الدين. وكيف تتعامل مع النعم التي يبينها الله سبحانه وتعالى. الآية تحتج على المؤمنين، سل بني إسرائيل حتى يعلمه المؤمنين الذين مع النبي، الآيات في سورة الحج آيات شرعية وهناك من امتثل لهذه الأوامر وهناك من لم يمتثل، فهي تقول :هل تحتاجون إلى معجزة تأتي من عند الله حتى تستجيبوا كما تشير الآية السابقة (هل ينظرون)؟ ، الآية تقول غيركم أخذ المعجزة ولم يستجب. في الآية لفتة غير مباشرة وهي أن مجتمع غالبية مجتمع المدينة آمنوا بالرسول، باستثناء غالبية اليهود .

( زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (212))

التقوى في الإيمان، الإيمان ليس شيء كامل أو نهائي ، لأن المنافقين والمشركين من المؤمنين، لذا ميز في هذه الآية بأن الذين اتقوا فوقهم، أو أن المتقين فوق الكفار، وهنا نريد أن نفصل بين الإلحاد والنفاق الكفر بالإيمان، ثم كفر بذلك الإيمان.

وهذه الآية تتحدث عن تطبيق المؤمنين للأحكام يثير الكفار بالاستهزاء لاستجابتهم لأوامر الله سبحانه وتعالى، وهنا يبرز إيمان المؤمن في أن لا يتأثر بحديث الناس وتكون الغلبة في نفسه لكلام الله سبحانه وتعالى، وهذا الفعل نابع من الإيمان بالدنيا بدلاً من الإيمان بالآخرة.

الوضع المادي الذي كان يعيشه اليهود في ذلك العصر هو أحد أسباب تعاليهم وكفرهم، فالدنيا مزينة لهم وعلى هذا يسخرون من النبي والذين معه، والإجابة القرآنية : والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة، والمقياس الحقيقي هو التقوى وليس الغنى، والغنى جميل في الدنيا ولكن الحقيقة عند الله هي التقوى.

(كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمْ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمْ الْبَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (213))

كان إبراهيم أمة واحدة ، وكان الناس أمة واحدة في كون أنهم كانوا أمة تبعاً لنبي الله إبراهيم، ولربما المقصود هو أن الناس بصورة عامة هو عموم الناس وليس بالخصوص ، وعندما جاء نبي الله الله إبراهيم كان الناس يتشعبون، أنزل الكتاب فيما اختلفوا فيه، أنزل الكتاب على بني إسرائيل وبعدها وعندما بدأ العلم في التعامل ، وعندما تفجر العلم عند الناس أصبح هناك اختلاف في وجهات النظر. ومن سيتهدي للحق هو من آمن. وسبب الاختلاف هو البغي بين الأمم، فهدى الله الذين آمنوا للحق بإذنه.

من يشاء : من يختار الهداية سيهديه الله حسب المشيئة الربانية.

(أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمْ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ (214)).

الآية خاصة بأناس محددين وهم الشهداء والذين أسماهم بالربانويون الذين مع النبي، هو يعطيهم مثل للذين من قبلهم الذين مسهم ، حتى يقول الذين آمنوا والذين معه ( متى نصر الله). أي أحد مكلف من السماء تنطبق عليه هذه الآية كما هو في حالة ( طالوت وجالوت) ، وكذلك مع عيسى ( من أنصاري ) ، وكذلك الذين اتخذوا العجل. وهذا يعني أن المقربين مع النبي يمحصوا بشكل أكبر من غيرهم في هذا الأمر.

القتال يكتب في حياة الرسول ، لا يمكن أن يكون هناك كتب للقتال إلا أن يكون هناك اتصال مع السماء، وهذه تحصر أن القتال الرسول ، بعد أن يأتي النصر ينتهي القتال. ولا يتمدد لقتال أحد آخر.

دخول الجنة بثمن وله متطلبات كما هو مثال الأمم السابقة والتي أسماها بـ (الزلزلة)، الله يريد إيمان ثابت لا تردد فيه. ومن الضرورة أن يسلم المؤمن نفسه لله سبحانه وتعالى في كل ضرر وكل مصيبة تمر به.

(يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (215))

طبيعة الإجابة تختلف عن طبيعة السؤال ، هم يقولون ليس لدينا ما ننفق ، والإجابة أنفق أي خير لديك، وبعد ذلك حدد الناس الذين يمكن أن تنفق عليهم بالترتيب حسب الأولوية. "ما أنفقتم من خير" يختلف عن "وما تفعلوا من خير " أي فعل خير سيعتبر شيء معتبر في الإنفاق. أي شيء يمكن إخراجه من عنديات الإنسان فهو إنفاق وليس محصور في النقدين، ولكن في العموم أنفق من الخير وليس من الشر أي أنفق من الطيبات، وأيضاً الفعل الطيب من الإنفاق، ويصل الإنفاق إلى درجة التسامح ( العفو)، التسامح هو تنازل عن شيء إلى شيء آخر، ويشمل ذلك الكلمة الطيبة، والأولوية للكلمة الطيبة، وقد يكون الإنفاق بإنفاق الوقت، قد يكون الوالدين ليسوا بحاجة للمال ولكنهم بحاجة للوقت. بنفس الترتيب للناس الذين ذكرتهم الآية.

وكلمة الإنفاق بصورة عامة هو النقصان من شيء إلى شيء آخر.

ملاحظة : هناك فرق بين العمل والفعل، العمل : هو ما تؤمر به وتقوم به بشكل متسلسل ، أما الفعل : هو ما يمكن أن نقوم به بدون دستور.


الآيات الشريفة تتحدث عن حالة الحرب المستعرة بين الطوائف بسبب الدين، الآية الجوهرية في هذا المقطع هو الآية الشريفة :

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (208)).

الآية تخاطب المؤمنين كافة المؤمنين بأن يدخلوا في السلم، وهذا الأمر يعني أنها تأمر بالاستسلام لأوامر الله، وتعني أن أوامر الله هي السلم الذي هو عكس الحرب والاقتتال.

صفتا العداوة والسلم في أصناف الناس

آيتان قبل هذه الآية تتحدث عن صنفين من الناس وهما: من تأخذه العزة بالإثم والآخر الذي يشري نفسه ابتغاء مرضات الله، وهما من المؤمنين ولكن صنف يدعي الإيمان بشكله الظاهر ويشهد الله على ما في نفسه ولكن حقيقته أنه يختزن الخصومة اللدودة والعدواة في داخلة تجاه الآخر، وتلك العدواة لأنه يسعى في مصلحة نفسه وأعلاء طائفته وما يعتقده، فهو يعمل على ذلك على حساب كل شيء حتى ولو أدى ذلك لإهلاك الحرث والنسل، أما الآخر المصلح فهو يبيع نفسه رخيصة من أجل أن يحظى برضى الله سبحانه وتعالى.

ماهو السلم؟

هو البينات التي أنزلها الله سبحانه وتعالى في القرآن؟ ولماذا سميت بالسلم هنا؟ لأن الإستجابة لأوامر الله تكون عندما يرى الإنسان نفسه أمام قوى غيبية هي أقوى وأكبر من الجميع ويجب الإذعان لها، أما الذي يرى نفسه وينسى ربه فهو في منافسة مع الآخر ولا يستطيع أن يسلم نفسه لهذه القوى الغيبية وهو بهذا في حالة لم يتمكن منه هذا الإيمان بعد. صراع النفس مع الإيمان يتجسد في غلبة النفس وفي هبوطها من كبرياءها أمام غلبة أمر الله الذي يجب أن تكون له الكلمة العليا. فالإسلام لأوامر الله هو سلم داخلي، وهذا السلم الداخلي هو ما يقود إلى السلم الخارجي.أما تمام ذلك السلم فهو عدم اتباع خطوات الشيطان الذي لن يترك الإنسان مسلماً لأمر الله حتى يستدرجه للخروج عن هذا الأمر وإسقاطه من جديد في العدواة.

خطوات الشيطان

إذا كانت آيات الله هي السِلم لأنها هي ما يقود إلى السِلم العام بين الناس، وبين الطوائف المختلفة، فإن الوسيلة التي يرجوها الشيطان هي أن يخرج هذا المؤمن من التمسك بكتاب الله إلى الانزلاق إلى كلمات أخرى تكون هي السبب في انشغاله عن كتاب الله، وتعزز له تميزه عن الآخر، ومن ثم تبرر له العداوة من جديد.

(فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمْ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (209))

الزلل عن آيات الله

الآية تتحدث عن مشروع الشيطان الرامي إلى استدراج الأمم والناس إلى العداوة، والآية تقول فإن زللتم في الوقوع في خطوات الشيطان من بعد ما جاءتكم هذه البينات ومن بعد أن أنزل الله لكم هذا الكتاب فاعلموا أن الله عزيز حكيم، وفي هذا العلم تهديد للمؤمنين بأن لا يبتعدوا عن كتاب الله، لأن عزة الله تعني أن يُحرم الإنسان من نور القرآن وهداه، لأن عِزته تعني عزة كلماته وهو قادر على أن يرفع معانيها عن القلوب بسبب ظلم الناس وابتعادهم عن ما أنزله إليهم، هذا ما تقتضيه العزة وهذا ما يقتضيه قدر الله. وأما حكمته فتقضي بأن يفعل الإنسان ما يشاء في هذه الدنيا لأنه مخير وعليه أن يختار بكامل إرادته حتى يحاسب على اختياره يوم القيامة.

يحدث الزلل باستدراج من الشيطان خطوة تتلوها خطوة أخرى، ولا شك أن هذه الخطوات تأخذ وقتاً يكون بعدها الخروج عن النص الأساسي، وهنا نكون أمام انجراف أممي، فكل أمة من الأمم المتمسكة بالكتاب السماوي يستدرجها الشيطان لتزل زلة واحدة يكون بعد هذه الزلة استدراج لزلة أخرى، وهكذا خطوة بعد خطوة تتباعد الأمم عن سبيلها البيّن وتنسى الأصل الذي كانت عليه، حتى إذا ما جاءت أجيال متعاقبة نسيت الذكر وأخذت بما بين أيدها من موروثات، فكان عليها أن تثبت أن كتابها السماوي يتحدث عن الشيء الذي وجدت نفسها عليه، ولإنها لا تجد لذلك سبيلاً كان التمسك بالكتاب وحده غير كاف وغير مجد للحصول على هذه النتيجة.

(هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَهُمْ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنْ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ (210))

الارتياب في الكتاب

الآية (210) تتساءل عن الناس وعن تعاملهم مع الكتاب، هل هؤلاء الناس تنتظر أن ينزل الله سبحانه وتعالى في السماء ويخاطب الناس ويأمرهم بأن يتمسكوا بكل كلمة وبكل حرف في هذا الكتاب؟ تطرح هذا التساؤل للتعبير عن حالة الارتياب الذي يعشيه المؤمنون به أصلاً فضلاً عن غيرهم، هم مؤمنون بالكتاب لكنهم مرتابون منه، لا يحكّمونه؟ ولا يثقون بالله بأنه ناصرهم ومرشدهم إلى الحقيقة التي يبحثون عنها من خلاله.

ثم تعقب الآية بقولها " وقضي الأمر " على أن ذلك يكون في الآخرة، ولا يحدث إلا ليقضي الله بين الناس وليس في الدنيا، لأن الله يريد من الناس إيمان بالغيب وليس بالشهادة.

(سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (211))
سؤال بني إسرائيل

لماذا تتحدث الآية هنا عن سؤال بني إسرائيل في موضوع الإيمان بالكتاب، وموضوع السلم الأهلي بين الطوائف، لأن بني إسرائيل عاشوا تجربة مع الكتاب السماوي، هم من أنزل الله عليهم التوراة وهم من حمّلهم الله التواراة، ولكنهم هل حملوها؟ السؤال الموجه لبني إسرائيل هو: " كم آتيناهم من آية بينة " ؟ والتساؤل تساؤل استنكاري على أنهم أضاعوا الكثير من الآيات البينات ولم يطبقوها في واقعهم، بل خالفوها وطبقوا غيرها وذلك هو التبديل، بدلوا هذه النعمة، لأن هدى الله نعمة ولكنهم بدلوها بأحكام أخرى " ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته فإن الله شديد العقاب" بهذا التبديل وهذا الانحراف عنه لغيره استحقوا العقاب الشديد لأنهم نقضوا العهد مع الله سبحانه وتعالى.

(زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (212))
هنا تتحدث الاية عن الوضع النفسي الذي يعيشه الذين كفروا بهذا الكتاب، وبالتحديد من أهل الكتاب فهم يعيشون في انشغال بزخرف الحياة الدنيا، ويتعززون بالمادة وبالممتلكات الدنيوية، وعلى هذا الأساس فهم يسخرون من الذين آمنوا لأنهم لا يحظون بهذا المقام وهذا المركز الدنيوي، والحقيقة الربانية التي يسوقها الله سبحانه وتعالى هنا هي أن الذين آمنوا واتقوا فوقهم يوم القيامة، فالمركز الأخروي يختلف والمقامات ليس كما يرونه الآن في الحياة الدنيا.
ثم تختتم الآية بقولها " والله يرزق من يشاء بغير حساب" على أن توزيع الأرزاق بيد الله فلا تغرنكم الحياة الدنيا وتنظرون إلى الحقيقة من خلال مقام المتحدث الدنيوي ولكن انظروا إليه من خلال الحقيقة فقط.