مدونة حلمي العلق

سورة البقرة من آية 246 إلى آية 252

 | ayat | elbakara

(أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمْ ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (246))

تأت هذه الآيات بعد الحديث المسبق عن آيات تحث على الاستجابة لأمر الله، وخصوصاً في موضوع القتل.
" ألم تر إلى الملأ من بني إسرائيل" ألم تر : كلمة تشعرك بأن اسمعني ، الملأ: هم علية القوم ، والكلمة معناها أنك لم تر إلى أولئك القوم بأنهم طلبوا شيئاً ولكنهم لم يفوا بعهدهم. وهنا نلاحظ أنه بدأ القصة من منتصفها وليس من بدايتها ، ونقصد بالبداية هي أن بعض بني إسرائيل أخرجوا من ديارهم. وطلب إرسال ملك يشير إلى أن بني إسرائيل يطلبون الملك في أحد يريدونه بالتحديد، لأن الرسول بينهم وهو الأولى بذلك وليس لهم في تحديده أي أمر.
" من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكاً نقاتل في سبيل الله"
" قال هل عيسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا " عسى رجاء،
هناك من أخرج من هذه الديار وطلبوا من نبي الله أن يقاتلوا من أجل استرداد أرضهم وأولادهم، الملك لا ينتزع وإنما يأتي من عند الله.
يريد أن يفهمنا أن الكتاب كان كاتب القتال مكتوباً في التوراة، طلبوا أن يقاتلوا القتال في سبيل الله يتوقف، لابد أن يكون هناك ملك أو جيش ، القائد الأعلى للجيش هو الله، لابد وأن يكون مكتوب علينا القتال، لا ينفع أن نستعمل الآية مع رسول ثاني، هم مكتوب عليهم القتال مع موسى، كتب عليهم القتال مع الذين اتخذوا العجل، وكتب عليهم القتال في دخول القرية ، وانتهى القتال عند تلك اللحظة، الغريب أن أمة محمد لم تفهم ، هذه الآية حجة أن القتال ، الاثنين يقاتلون في سبيل الله. هناك أمة باغية وهناك أمة غير باغية.

(وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنْ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (247)).

عندما طلب من النبي أن يبعث ملكاً، كأنهم يثقون بالملك القادر مادياً، وكأن المسألة مسألة قوة مادية، وهذه تعتبر المرحلة الثانية بعد الآية الأولى، حيث أن الآية السابقة حددت أن هناك من تراجع عن أمر الله حين كتب القتال، وهنا بقت البقية التي فتنت في المرحلة الثانية وهي مرحلة اختيار الملك.
" إن الله بعث لكم طالوت ملكاً " يكفي أن نقول في هذا الأمر أن الله سبحانه وتعالى هو الذي أمر، لكنهم التفتوا إلى من بعث في هذا الأمر، من الذي ملكه الله.
" قالوا أني يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال"
هم طلبوا من نبيهم، فلماذا يعترضون على نبيهم هذا القرار، إذا كانوا مؤمنين
" قال إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم"
إن ما يحتاجه الموقف وماتحتاجه الحرب هو قوة البدن وقوة العلم بالحرب والمنسجم مع هذا الموقف، ورفضهم لهذا الملك دليل أن طلبهم بالملك لم يكن حقيقي للحرب، ولكنهم كانوا يطلبون الملك لأنفسهم، وهذا يعني أنهم لم يكونوا صريحين في طلبهم مع الله، والله أخرج ما في أنفسهم.
" والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم"
الله أعلم حيث يجعل الرسالة فيمن ؟

(وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (248))

" وقال لهم نبيهم إن آية ملكه "
هو إثبات على ملكة
" التابوت "
هنا قضية بين بني إسرائيل أنفسهم ، وأن التابوت شيء مميز ومهم بحيث، وهنا أسماء المتقاتلين قريبة من بعضها ودليل على أنهم من قوم واحد.

( فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنْ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (249))

هنا فرز في الذين اتبعوا طالوت من الجنود، فالله سبحانه وتعالى أمر طالوت بأن لا يشرب الجنود من النهر الذي سيمرون به حتى يتم الفرز للمرحلة الثالثة، والماء من الركائز المهمة في الحروب، فكيف يمر هؤلاء الجنود بالماء وثم لا يشربون منه حتى يتقووا على القتال؟ الموضوع يحتاج إلى ثقة عالية بالله سبحانه وتعالى لأن الماء شيء ضروري ومهم في الحرب. وهنا ثقة في أن الله هو الذي سينصر في الحرب وليس قوة الإنسان هي، ولكن الذين يظنون أنهم ملاقوا الله سبحانه وتعالى كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله، فالباقي هم القلة الذين بقوا مع طالوت، ولكنهم مؤمنون تمام الإيمان أن النصر من عند الله.
" فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه " هنا انتهت الفتنة ، وبدأت مرحلة جديدة قال فيها فئة جديدة بأنه لا طاقة لهم بجالوت وجنووده.

(وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (250))

الصبر مصدره الله سبحانه وتعالى وليس مصدره النفس، الله هو الذي يفرغ الصبر، وثبات المؤمن في مثل هذه المواقف هي أحد مصادر القوة أمام العدو، أفرغ بمعنى كل ما يحتاجه الجندي في المعركة

(فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتْ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (251))

الهزيمة كانت بإذن الله رغم قلتهم وضعفهم وعطشهم، لكنهم لأنهم ثبتوا وصبروا أعطاهم الله هذا النصر، وحتى قتل داود لجالوت هو بإذن الله، والهزيمة ليست كالغلبة، فالغلبة هي شيء مؤقت، ولكن الهزيمة هي شيء نهائي وحاسم. وجالوت هو زعيم الجهة المعتدية التي تحارب، والذي قتله هو داود وتمكن، "وآتاه الله الملك" هذا الإتيان هو محبة الناس وانصياعهم لأمره ، وهذا الملك من خلاله يحكم الناس. ومن الضروري أن يلتزم الحاكم بالحكمة، لذا فإن الحاكم الذي يأتي بدون حكمة فهو يهلك.
"علمه مما يشاء" مشيئة الله متوقفة على إرادة المؤمن في أنه يريد أن يتحصل العلم أو لا،
" ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض" هذا التدافع سنة طبيعي في سنة الحياة، كون أن المظلوم والمقهور يتألم من الظلم فيرفع صوته ضد الظالم ويقاوم الظلم، وهذه المقاومة ترفع الفساد في الأرض. شجاعة داود كانت علامة مميزة في صدق استجابته لأمر الله أنه يستحق الملك والنبوة.

( تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ (252))

التلاوة بالحق من عند الله ، يكفي أن يتلى عليك الكتاب حتى تتيقن أنه من عند الله ، وحتى تؤمن أنها من عند الله . وتلاوة هذه الآيات تؤكد للنبي أنه مرسل من عند الله، بالنسبة له وبالنسبة للمتعبين له.