مدونة حلمي العلق

سورة البقرة من آية 261 إلى آية 265

 | ayat | elbakara

(مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (261))

عملية الإنفاق هي التي تضاعف، فقط في الإنفاق، في سبيل الله هو الذي أسس لهذا الضعف، وهذا الإنفاق مثله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل، ومضاعفة الأموال هي من أكبر هموم الإنسان وأهدافه في الحياة، فهو من أكبر الأشياء الملموسة لديه.
الإنفاق: كلمة تعني الإهلاك ، أن تهلك هذا المال في جهة معينة، كما نقول نفقت الدابة أي هلكت. ومضاعفة الأموال عند الله كبيرة جداً مقارنة بالحياة الدنيا، وكما أن هناك قابلية للمضاعفة على هذه السبع مائة.
الله واسع عليم: يمتاز التعامل مع الله سبحانه وتعالى لا أحد يستطيع أن يكون في الأعلى بالنسبة للبشر لأن التعامل مع الناس مضيق لحد القلة ، ولكن مع الله هو واسع عليم.
الله يضاعف بمعنى أن الله يضاعفه، في الدنيا وفي الآخرة ، في أي مكان وليس في هذا المكان فقط،

(الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُوا مَنّاً وَلا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (262))

لا خوف عليهم ولا هم يحزنون حالة مهمة بالنسبة للمؤمن، فهو يبحث عن الأمان يوم القيامة، وبهذا الإيمان يندفع المؤمن نحو تحقيق هذا المطلب، من لايؤمن بالله يعتبر هذا القول خرافة وبعيد عن التحقق، ولكن المؤمن يندفع في تحقيقها، ولكن الآية تشرط على أن يتبع هذا الإنفاق بالمن ولا بالأذى للمنفق عليه، وهذه الآية توزن الآية السابقة في أنها تقول له لا تنفق بالمن والأذى. هذا الذي أنت تنفقه هو حق لهذا الذي ينفق له.
أموالهم : هي ملك لله ولكنه أسماها للمالك الصوري وهو الإنسان،

(قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ (263))

القول المعروف : هو المتعارف عليه في البيئة التي يعيشها الإنسان.
المغفرة : نوع من أنواع الإنفاق، أن تعفو عن الشخص المخطئ.
الخلق عيال الله، والله سبحانه وتعالى يوصي المؤمن بأن يتعامل مع عيال الله بأن لا يتعامل معهم بالمن حين إعطاؤهم صدقة ، فتقول له الآية لا تعطي بالمن والأذى، فالأفضل أن تقابل هذا المحتاج بكلمة معروفة خير من أن تعطي مع المن، المن هو أن تتحدث عما فعلته. المن يتسبب بالأذى للإنسان، والأذى أوسع من ذلك،
والله غني حليم : عني عن أموالكم ، حليم على تصرفاتكم. الله يمن على البشر ، ولكن البشر لا يحق لهم أن يمنوا على بعضهم البعض.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (264))

"يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى" : العمل أساسه صالح ، ولكنه أصبح غير صالح بإبطاله، العمل الذي أضيف إليه أبطل العمل، وذلك بسبب المن والأذى.
" كالذي ينفق ماله رئاء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الآخر" هذا أحد الأعمال الباطلة، وهو الذي ينفق ، ولكن عمله بطل بسبب الرياء للناس.
فمثله : كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلداً ، أي أن المطر الذي ينزل على الصخرة الصماء لا ينتج زرعاً ، وإذا لم ينتج زرعاً فلا يثمر، وقد يظن هذا الذي عمل هذا العمل أنه سيحصد شيئاً يوم القيامة ، ولكنه لن يحصد شيئاً يوم القيامة.
لا يقدرون على شيء مما كسبوا : أي أنه لا يستطيع الحصاد من هذا العمل يوم القيامة.

(وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَتَثْبِيتاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (265))

"ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة الله وتثبيتاً من أنفسهم" غرض إنفاقهم هو ابتغاء مرضاة الله يعني نظره مركز على الله، وتثبيتاً من أنفسهم أي أنه يريد أن يثبت على عقيدته في الله وعقيدته في الآخرة، كلما أنفق المؤمن كلما ازداد يقيناً في الإيمان الذي هو فيه.
" كمثل جنة بربوة أصابها وابل فآتت أكلها ضعفين " يشبه في هذا المثل الجنة بمكان رابي متزايد معطاء ، فآتت أكلها ضعفين : أي آتى حصادها ضعفين، وإن لم يصبها وابل من المطر، فطل : وهو أقل من المطر الغزير ، وبالتالي لن يخسر الزارع زرعه.
والله بما تعملون بصير : أي شيء تعمله يتم ببصر من الله سبحانه وتعالى.

💥💥💥

في الإنفاق يجب أن يكون هدف الإنسان هو الآخرة ونظره لها لا أن يكون نظره في الدنيا وهو يعطي الآخرة بالجزء الذي يعفيه من المساءلة أمام الله - كما يظن - .