مدونة حلمي العلق

أهمية الملة

 | ملة إبراهيم

مقدمة

يقول الله عز وجل:

﴿ ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنْ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ ﴾ النحل 123

الآية الشريفة تخاطب النبي محمد (ص) وتأمره بأن يتبع ملة إبراهيم ، وتقول آية شريفة أخرى

﴿وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدْ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنْ الصَّالِحِينَ ﴾ البقرة (130)

والآية الأخيرة تؤكد أيضاً ضرورة اتباع ملة إبراهيم وتصف بالسفه من لا يتبع الملة. فما هي ملة إبراهيم؟ وماهي أهمية ملة نبي الله إبراهيم(ع) في الدين؟ هذا ما نحاول معرفته من خلال آيات القرآن الكريم.

ملة إبراهيم

إن مكانة نبي الله إبراهيم (ع) تشبه مكانة آدم أبو البشر من حيث بداية التأسيس، فآدم مؤسس البشرية وإبراهيم عليه السلام مؤسس الملة، وبنفس هذه المقاربة يمكننا أن نقارب بين نبي الله موسى ونبي الله نوح عليهما السلام من حيث اتساع البشرية في نوح والكثرة في بني إسرائيل الذين هم بنوا إبراهيم عليه السلام من فرع إسماعيل ويعقوب. إذاً يمكننا أن نقسم الرسالات إلى حقبتين زمانيتين، الأولى هي حقبة ما قبل نبي الله إبراهيم والحقبة الثانية هي ما بعده.

﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً ﴾ النساء (163)

لا حظ كيف رتبت الآية السابقة الأنبياء وكيف ذكر نبي الله إبراهيم بعد نبي الله نوح عليهما السلام،لتضع خطاً زمنياً فاصلاً بين الحقبتين ، فقد تجددت الدعوة للتوحيد بعد الجهاد الذي بذله نبي الله إبراهيم في إعادة الدين والملة. ونلحظ هذا الفصل في مواضع أخرى في القرآن الكريم كالتي في سورة الأعراف من آية (98) التي تتحدث عن الأقوام في الأزمنة التي سبقت حقبة نبي الله إبراهيم (ع):

﴿ أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ ﴾ الأعراف (98)

ثم تأتي الآية (103) للتحدث عن بعثة نبي الله موسى (ع)

﴿ ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُوا بِهَا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ﴾ الأعراف (103)

والتي بدأت بقولها (ثم) أي بعد تلك الأمم في تلك الأزمان جاءت بعثة جديدة وهي التي تمثل نبي الله إبراهيم لأن موسى هو على ملة إبراهيم ومن بني إسرائيل، وهنا تتحدث الآية عن حقبة جديدة غير تلك الحقبة التي بدأت بنبي الله آدم ثم تشعبت في نبي الله نوح.

هناك آيات كثيرة تبين أهمية نبي الله إبراهيم بالنسبة للرسالات التي جاءت من بعده وسميت بالديانات الإبراهيمية ذلك لأن الديانات جاءت في ذريته وتصديقاً وتأكيداً لما جاء به نبي الله إبراهيم في أصل دعوته التوحيدية لله رب العالمين.

مقال في جريدة الوطن:
الوطن العمانية ص 19