مدونة حلمي العلق

الملة

 | quran-concepts

آية

﴿ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنْ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ﴾ سورة النحل (123)
أوحى الله سبحانه وتعالى إلى النبي محمد (ص) أن يتبع ملة إبراهيم، ونحن مأمورون أن نتبعها أيضًا، وهذا يدل دلالة واضحة على أهمية وأصالة هذه الملة، وأن أصل الدين يعود لعهد النبي إبراهيم (ع).

مقدمة

موضوع هذه الحلقة حول مفهوم الملة في القرآن الكريم، وقبل البدء في هذا المفهوم نحتاج إلى مقدمة من نقطتين:

المقدمة الأولى

إذا واجهنا مفهوم قرآني غير مفعل في الواقع، علينا أن لا نغفل عنه ولكن علينا أن نتغافل عن الواقع، لأن الواقع مطالب بأن يطبق القرآن وليس العكس، إذ ليس على القرآن أن يؤيد الواقع، بل على واقعنا أن يقترب من القرآن في مفاهيمه ومصطلحاته وأدبياته.

المقدمة الثانية

في الإجابة حول أسئلة الدين والملة، ما هو الدين وماهي الملة؟ الدين: هو ما يدان به المرء أمام الله يوم القيامة، أي ما يُطالب به ويكون مديوناً حين المحاسبة، والإتيان بالدين كما هو مطلوب هو وفاء به. الملة: مجموعة من الشرائع التي يلتزم بها المؤمن. س: ما اسم الدين الملزمين به؟ الإسلام س: ما اسم الملة الملزمين بها؟ ملة إبراهيم، س: هل لأن الملة مسماة بإبراهيم فهذا يعني أن إبراهيم هو الذي شرع قوانينها؟ ملة إبراهيم هي شرع الله، وقد أسماها الله سبحانه وتعالى بإبراهيم، لأن الدين دين الله ولكن الملة تسمى باسم الرسول الذي أنزلت عليه. س: ما معنى كلمة "ملة" ملة لغة من الإملال وهو ما يدّون في كتاب حين يملل أحد أحد آخر، وهي كلمة مخصوصة لا تستخدم إلا في الدين والشريعة، ولقد حصل نبي الله إبراهيم على الدين بعد طلب وإلحاح منه " ربنا أرنا مناسكنا وتب علينا"، فأسماها وحين نزلت أسماها الله باسمه، ملة إبراهيم.

ونتحدث في هذا اليوم عن مفهوم ملة إبراهيم تحت ثلاث عناوين :

1- علاقة النبي محمد بملة إبراهيم

2- علاقة القرآن الكريم بملة إبراهيم

3- علاقتنا نحن بملة إبراهيم

ملة إبراهيم

النبي محمد (ص) وملة إبراهيم

يقول الله عز وجل:

﴿ ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنْ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ ﴾ النحل (123)

أمر الله سبحانه وتعالى نبيه محمد (ص) باتباع ملة إبراهيم، فقد قال سبحانه وتعالى " اتبع ملة إبراهيم"، وهذا أمر متعد وليس مقتصر على شخص النبي محمد (ص) ، فعلى أتباع النبي المؤمنون به أن يكونوا أتباع لملة إبراهيم أيضاً، وهذا هو ديدن الأنبياء من بعده فقد قال نبي الله يوسف:

﴿ وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ ﴾ يوسف (38)

فكل الأنبياء يقرون بأنهم أتباع لملة أبو الأنبياء إبراهيم (ع). والسؤال الثاني حول علاقة القرآن الكريم بالملة.

القرآن وملة إبراهيم

إذا كان النبي محمد (ص) وهو صاحب دعوة القرآن مأمور باتباع ملة إبراهيم، فهذا يعني أن اتباعنا للقرآن إنما هو اتباع لملة إبراهيم بالأصالة، لقد كانت بعثة النبي محمد (ص) استجابة لدعوة نبي الله إبراهيم، وفيما يروى عنه (ص) أنه قال " أنا دعوة أبي إبراهيم وبشارة عيسى (ع)" ، وإنزال القرآن إنما هو استجابة لدعوة أبينا إبراهيم عليه السلام.

﴿ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ۝ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ البقرة (128) - (129)

ويؤكد هذا الآية 78 في نهاية سورة الحج والتي تحدد موقعنا نحن من ملة إبراهيم.

نحن وملة إبراهيم

﴿وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78)﴾ سورة الحج

الآية الشريفة تقول " ما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم" وفي هذا المقطع الكثير من الحقائق الربانية في هذا الدين، فديننا هو ملة إبراهيم. والقرآن الكريم يخاطبنا على أساس أننا أبناء صاحب الملة إبراهيم (ع)،ويحملنا مسؤولية أن نكون شهداء على الناس، وهي مسؤولية دينية مبنية على أساس الفهم الحقيقي للملة وللدين. وبمنطوق هذه الآية نحن مأمورون باتباع ملة إبراهيم والالتزام بها والجهاد في الله حق جهاده من أجل إيصالها. بل إن الآية تحملنا مسؤولية أن نكون ممثلين لهذه الملة أمام الناس وأمام من يسأل عن الدين.

ملخص

فهمنا أساس الاتباع وهو الحقيقة، وفهمنا في الحلقة الثانية وجوب قراءة القرآن لأن القراءة هي أساس معرفة الحقيقة، واليوم نتعرف على أن القرآن الكريم هو تفصيل لملة إبراهيم، وأن القرآن الكريم يحوي قيم ملة إبراهيم، وملخص ما أخذناه في هذه الحلقة:

1- أن الأنبياء وكذلك آخرهم النبي محمد (ص) هو متبع لملة نبي الله إبراهيم (ع) – وكان ذلك واضحاً في آية 123 من سورة النحل.

2- القرآن الكريم يحوي ملة إبراهيم.

3- نحن مأمورون أن نتبع ملة إبراهيم وأن نطبقها ونجسدها .

كما ويروى فيما يروى عن النبي محمد أنه قال : " أنا دعوة أبي إبراهيم وبشارة عيسى"، وهذا الحديث مصداق لدعاء نبي الله إبراهيم وإسماعيل في سورة البقرة لقوله تعالى:

﴿رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ۝ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ البقرة (128)-(129)

النبي هو دعوة إبراهيم وبشارة عيسى والكتاب الذي بين أيدينا هو دعوة أبينا إبراهيم وهو يحوي ملته والشرع الذي من الله عليه به والحمد لله رب العالمين.

إثــــــــــــــراء

1- في آية (123) من سورة النحل، هل الآية محصورة في شخص النبي محمد فقط (ص)؟
2- ما هي الملة ؟ وكيف يمكن أن نتبعها نحن ؟