مدونة حلمي العلق

الرسول

 | quran-concepts

آية

﴿ وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمْ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ ﴾ المائدة (43)
الرسول هو مبلغ رسالة الله إلى الناس، لكنه لا يبلّغ دعاء الناس إلى الله، لأن العلاقة بين الناس وبين الله هي علاقة مباشرة. الرسول مبلّغ لكلمات الله التي هي أوامره ونواهيه وحقيقة ما يريده الله منهم و هو موصل باتجاه واحد فقط.

مقدمة

تحدثنا في حلقتنا السابقة تحت عنوان الطاغوت في الشرع، والطاغوت في الشرع هو الذي نصب نفسه مشرعاً ليشرع بخلاف ماأنزل الله، والكتاب السماوي هو الذي يكشف لنا حقيقة الطاغوت، فإن كان الذي يشرع ويحكم مطابق لأحكام كتاب الله وشرائعه ومبيناً لها كان حاكماً بكتاب الله، أما إذا كان يُخرج الناس من الكتاب إلى غيره فهو يخرجهم من النور إلى الظلمات، الكتاب يُبين يبلغ يعلم ولكن لا تبدل كلماته. وعلى ضوء هذه الدراسة نتحدث اليوم عن الرسول.

من المفاهيم الهامة في القرآن الكريم هو مفهوم الرسول، الرسول مفهوم واسع يشمل جوانب عدة، ولكننا سنتناول الرسول من زاوية واحدة فقط وهي علاقة الرسول بالرسالة، ما هو موقع الرسول من هذه الرسالة؟ هل هو يتقدم عليها؟ أم يسير خلفها ؟

الإجابة المختصرة لهذا السؤال: أن الرسول مبلّغ لرسالة ربانية وهو أول المسلمين للرسالة، فهو يسير خلفها: تصديقاً ومن ثم تطبيقاً وامتثالاً. ولا يمكن أن نقول أن للرسول شرع يخالف الرسالة التي أوكل بتبليغها، فالقاعدة الأساس في هذا الأمر أن أوامر الرسول تساوي أوامر الرسالة، وأن يحكم بما أنزل الله ولا يحكم بغير ذلك. الآية الجوهرية في هذا الأمر هي آية التحكيم في سورة المائدة.

الرسول

حكم الرسول وحكم الكتاب

﴿ وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمْ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ ﴾ المائدة (43)

الآية تتحدث عن أهل الكتاب الذين ادعوا الإيمان برسالة القرآن، جاءوا ليتحاكمون عند الرسول ويأخذوا منه أحكامهم الدينية، والآية الشريفة تتساءل: كيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله؟ سواء عليهم أحكموك أم حكموا التوراة فالحكم واحد، لأن التوراة تتحدث بحكم الله، وأنت أيضاً تتحدث بحكم الله من القرآن، فأصبح الرسول إنما هو متحدث عن القرآن لا ينقص منه ولا يزيد عليه، ويحكم به لا يحكم بشيء آخر.

﴿إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيماً ﴾ النساء (105)

ولحقيقة قول الرسول ومدى انطباق قوله مع ما يأمر الله نأخذ الآية التالية :

حقيقة ما يبلغه الرسول

﴿وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ ۝ مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنْ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾ المائدة (116)-(117)

هذه هي حقيقة عيسى أنه أوصل للناس ما أمره الله به، وليس خلاف ذلك، وبهذا نصل إلى ملخص هام وهو أن الرسول مطابق للكتاب المنزل، وما أمره الله به.

كيف يعرف القرآن الكريم الحالة التي يكون فيها الرسول في أذهان الناس وتصوراتهم أنه يحكم بغير ما أنزل الله؟ القرآن الكريم يبيّن أن تلك الحالة هي حالة من حالات الشرك، ونأخذ على ذلك دليل من القرآن الكريم في حديث القرآن عن أهل الكتاب ونبي الله عيسى (ع).

الرسول يأمر بدراسة الكتاب

﴿مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَاداً لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ ﴾ آل عمران (79)

1-" كونوا ربانيين "

من يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة لا يمكن له إلا أن يقول لأتباعه كونوا ربانيين، وكيف نكون ربانييين أيها النبي؟ بدراسة الكتاب وتعليمه للناس، هي ذات الكلمة ( خيركم من تعلم القرآن وعلمه ) . أن تتعلم أحكام هذا الكتاب وشرائعه وتبلغها للناس.

2- " ثم يقول للناس كونوا عباداً لي من دون الله"

تعني لا يمكن لهذا النبي أن يقول للناس كونوا مطيعين لي في شيء لم يأمر به الله في الكتاب السماوي. وهذا بلسان الرسول نفسه أنه يجب أن يبلغ هذه الرسالة.

3- " ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة "

تأكيد على أن النبي بشر ، ولكنه أوتي الكتاب وأوتي الأحكام وأوتي النبوة من عند الله، فقام بتبليغ هذه الرسالة للناس.

﴿وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَاباً أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ آل عمران (80)

1- " اربابا"

هناك من اعتمد أحكاماً وشرائع ونسبها للملائكة وآخرين نسبوها إلى الأنبياء الذين سبقوهم، والملائكة والأنبياء من ذلك براء، فأرحرفوا الناس عن الكتاب باسم الملائكة وباسم الأنبياء.

2- "بعد إذ انتم مسلمون"

حقيقة الإسلام في اتباع ما أنزل الله.

﴿ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ۝ يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ﴾ التوبة (31)-(32)

لماذا قيلت هذه الآيات وغيرها في القرآن الكريم؟

لأن هناك من اعتمد كلام ينسب للأنبياء أو للملائكة هذه الكلمات تخالف أحكام وعقائد الكتب السماوية واعتمدها، وجاء القرآن لينفد أن يغير الرسول في شيء من كتاب الله المنزل، وتلخيصاً نقول:

1- حكم الرسول هو حكم الكتاب.

2- حقيقة الرسول مضمونة في كتاب الله.

إثــــــــــــــراء

1- في آية (43) من سورة النساء ، هل يختلف حكم الرسول عن حكم الرسالة؟
2- كيف يمكن أن نحدد مفهوم الكفر بالرسول؟
3- هل يفرق القرآن الكريم بين الرسول والرسالة؟
4- لو لم تكن هناك رسالة، هل يكون هناك رسول ؟