مدارسنا بلا سرير أبيض
| مقالفي المهرجانات أو الحفلات الكبيرة يقوم المسؤولون عن تلك التجمعات بتأمين طواقم إسعاف مختصة وتوفير سيارات إسعاف طيلة مدة المهرجان، وفي مدارسنا للمراحل الثلاث يتجمع مئات الطلبة في مبنى واحدة دون أن يتوافر في ذلك المبنى غرفة إسعاف أو حتى صندوق بدائي لإسعافات أولية.
تفتقر مدارسنا إلى وحدات إسعاف أولي للحالات الطارئة التي تلم بالطلاب أثناء اليوم الدراسي، ووجود وحدات مدرسية معزولة عن المدارس لا يحقق الغرض الذي أنشئت من أجله ولا يراعي تلك الحالات الطارئة، إذ أن كل مدرسة بحاجة فعلية لمتابعة صحية مستدامة.
ولكي تقوم الوحدة الصحية المدرسية بدورها ينبغي لها أن تتواجد في الساحة التعليمية بشكل دائم لتؤدي دورها وتوصل رسالتها وهي في وسط الميدان لا بعيدة عنه. فتدريب معلم أو أكثر في كل مدرسة للقيام بإسعافات أولية للحالات الطارئة مهم ولكنه لا يفي بالضرورة الصحية الطارئة، فاستدعاء ذلك المعلم من بين طلابه أثناء حصته الدراسية لمباشرة حالة طارئة ليست في فصله، تعني انتقال مفاجئ وخلط في الأدوار وفي ذلك إجحاف في حق التربية وفي حق الرعاية الصحية للطلاب في آن معاً. مع العلم أن الوحدات الصحية المدرسية لا تقدم دورات في الإسعافات الأولية للمعلمين!
الحفاظ على سلامة الطلاب في الحالات الطارئة تستوجب وجود مختصين ويقوم المعلم بدور المساند لا القائم الفعلي بالعملية الصحية والإسعافية، خصوصاً أن حالات الإغماء الطارئة التي يتسبب فيها الإرهاق أو عدم تناول وجبة الإفطار أو حالات التسمم تكثر في فئات الأطفال والمراهقين، وتحتاج لمختص يخبر التعامل مع كل حالة.
دور الوحدة المدرسية لا يقتصر على القيام بالإسعافات الأولية للحالات الطارئة وحسب، بل يتعداها إلى تعزيز الثقافة الصحية في البيئة المدرسية بإقامة برامج التوعية بالإضافة للمتابعة الصحية للطلبة واكتشاف الأمراض في وقت مبكر، والتنسيق الشامل مع المستوصفات والمراكز الصحية والمستشفيات، والمراقبة الفعلية على المقصف المدرسي والوجبة المدرسية.
وكثيراً ما يعاني بعض الطلاب من سوء تعامل من قبل المدارس مع حالاتهم المرضية بسبب نقص البيانات وغياب التوعية بحالاتهم المرضية، إذ لا تتوافر لدى المعلمين بيانات صحية دقيقة عن كل طالب وما تحتاجه حالته الصحية، من حاجة مستمرة لارتياد دورة المياه، أو حاجة لتناول الدواء في أوقات محددة، أو ما يعتري الطالب من نعاس وتعب شديد التي قد تتسبب بها بعض الأودية أو بعض الأمراض، وقد يلحظ المعلم ذلك كله ويتعامل معه على أنه حالة من حالات الاستهتار من قبل الطالب، فلا يحسن التصرف بسبب غياب المعلومة والإرشاد الطبي.
إن استكمال المعايير الخاصة بالصحة والسلامة للمدارس ليس ترفاً، بل هو أمر في غاية الأهمية للحالات الصحية الطارئة وغير الطارئة، وتؤكد الدراسات العلاقة الطردية التي تربط بين التحصيل الدراسي للطالب بالحالة الصحية، ولن يتحقق ذلك التكامل الطردي إلا بالتواجد الفعلي للمختصين في الصحة والإسعاف في كل مدرسة وبشكل دائم.
نشر في جهينة الإخبارية يوم 3/ 11 / 2013 https://www.juhaina.net/?act=artc&id=10705