مدونة حلمي العلق

عندما يتحول المُعلم إلى تحفة

 | مقال

يواصل المعلمون في المراحل التعليمية الثلاث دوامهم الرسمي ثلاثة أسابيع إضافية، على الرغم من انتهائهم من جميع المهام المتعلقة بالطلاب. سيكون لحضور المعلمين في بعض المدارس التي تطبق امتحانات الدور الثاني ضرورة لإتمام أعمالهم، ولكن سيحضر معلمو المرحلة الابتدائية والثانويات المطورة لتعبئة كراسيهم ومكاتبهم الفارهة دون معنى.
تواصل المؤسسات التربوية إصدار قرارات لا معنى لها سوى الخوف من التغيير، وسيكون على المعلم – حامل شعلة الفكر- أن يقوم بأشياء ليست مقنعة. قد يكون لهذا الحضور سبب في سالف العصر والأوان لإتمام امتحانات الدور الثاني، وقبل أن يدخل الحاسب الآلي للمدارس حين كان المعلمون يقضون الساعات في تبييض درجات الطلاب في صحائف وسجلات ألغاها عصر طابعة الليزر. وبقاء المعلم في دوام هذه الفترة وحتى بعد اندثار كل تلك الأعمال الكتابية، حفاظاً على الإرث التقليدي في أن يبقى المعلم لفترة أطول من الطالب.
وسيبدي عدد من مديري المدارس تخوفهم من تأخر المعلم أو عدم وجوده خلال هذه الفترة خوفاً من أن تشوب سيرته وسيرة مدرسته أمام مشرفيه شائبة عدم التقيد بالنظام، أو أن تقل صورته أمامهم في كونه المدير القادر على تطبيق ما ليس للمعلمين به قناعة، وإلزامهم بنظام لا معنى له. وستتفاقم المشكلة بالنسبة للمعلمين في المناطق البعيدة عن أماكن سكنهم.
في بعض الدول وحتى العربية منها بدأت وزارات التعليم إعطاء إدارات المدارس صلاحيات تصل حتى اختيار المناهج التي ستقوم بتعليمها، أما نحن ما زلنا هنا في مركزية شديدة يقاس نجاح إدارة أي مدرسة بمدى تطبيق النظام، وليس بمدى تحقيق الأهداف المرجوة.
النظام وسيلة وليس هدفاً، وعندما نحوله إلى هدف في حد ذاته نسلب مدارسنا روح القناعة والفهم، لنحول المعلمين إلى مؤدين ومطبقي نظام لا مبدعين قانعين ومقتنعين بما يقومون به.
في الأسابيع الثلاثة القادمة ستتحول المدارس إلى مطاعم للفول والعدس، وسيتحول المعلم إلى تحفة يتفرج عليها المشرفون ويتباهى مديرو المدارس بالحفاظ عليها في صناديق زجاجية بابتسامة محنطة لفترة أطول.


نشر في صحيفة الشرق

http://www.alsharq.net.sa/2013/06/16/868236