إحكام حكم القتال في القرآن الكريم
| القتال# مقدمة
القتال من الأحكام المؤقتة التي يكتبها الله سبحانه وتعالى على قوم محددين في زمن محدد ، ويكون سبب الكتابة هو الإعتداء من قبل أولئك القوم . وسنأخذ مثالاً على ذلك واضحاً من كتاب الله سبحانه وتعالى.
﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمْ ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ﴾ البقرة (246)
لم يعطي القرآن الكريم أمر مفتوح بالقتال ، وإنما هو أمر محدد لطائفة محددة وفي زمن معين ، فإذا انقضى الزمان وانفنت تلك الجماعة وتلك الطائفة أغلق ذلك الأمر وانتهى أمر القتال.
يضرب الله سبحانه وتعالى لنا مثالاً على القتال ، على الملأ من بني إسرائيل من بعد موسى ، إذ أنهم طلبوا أن يكتب الله عليهم القتال ضد قوم معتدين ومحددين وفي زمان محدد، الآية تقول ( فلما كتب عليهم القتال) ، قبل تلك اللحظة لم يكن القتال مكتوباً ، أي أن أمر القتال جاء بكتاب، وبأمر من عند الله سبحانه وتعالى عن طريق ذلك النبي.
# أمثلة
وهنا نأخذ مثالين من القرآن الكريم على كتابة القتال
# مثال
﴿ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ﴾ التوبة(36)
هو أمر بقتال فئة تسمى المشركين في آية 36 من سورة التوبة ، وجاء هذا الأمر بعد أن نقض المشركون عهودهم مع النبي والذين معه في أن لا يعتدوا عليهم ولا يحاربوا المسلمين بالسر والعلانية.
# مثال
﴿ قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ﴾ التوبة(29)
المثال الثاني : هو الأمر بمواجهة أهل الكتاب المعتدين ، وفي نفس السورة من سورة التوبة آية 29
# صورة القتال
اتخذت صور القتال صورتين
# الصورة الأولى : النفير
هي صورة النفير على شكل جيش نظامي يغزو ويحارب المعتدي، وإذا جاء الأمر بتشكيل الجيش وبهذه الصورة يتطلب ذلك تقديم الأموال والأرواح ومن يتخلف عن ذلك فهو مأثوم إلا أن يكون له عذر حقيقي ، وقد بينت سورة التورة أشكال كثيرة من التخلف عن السرية التي كونها النبي للغزوة المعنية في هذه السورة المباركة.
﴿ سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنْ الأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنْ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرّاً أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعاً بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً ﴾ الفتح(11)
# الصورة الثانية: الفردي
هي القتل بشكل فردي ، وهو ما يعني استباحة دم المستهدف ليتم قتله في أي مكان يتم رصده فيه ، كما أشارت الآية 191 من سورة البقرة بقولها ( واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل ) وكما أشارت كذلك الآيات الأول من سورة التوبة ( فاذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث ثقفتموهم ).
﴿ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنْ الْقَتْلِ وَلا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ ﴾ البقرة (191)