مدونة حلمي العلق

القتال في القرآن الكريم

 | القتال

القتال في القرآن الكريم

الأمر بالقتال

﴿ وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ۝ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنْ الْقَتْلِ وَلا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ ۝ فَإِنْ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ۝ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنْ انتَهَوْا فَلا عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ ﴾ البقرة (190)-(193)

الأصل هو ( النفس بالنفس )، الأساس في القرآن الكريم أن القتل يوجه للقاتل القاصد للقتل ، والقتال في القرآن ردة فعل ضد قاتل يريد أن يتخلص من المؤمنين من أجل التخلص من الدين. فالدين محمول في صدور هذه الثلة المؤمنة . تقول الآية الكريمة ( قاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا).

﴿ الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنْ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ﴾ البقرة (194)

والأصل أيضاً أنه اعتداء بالمثل ، التماثل في الإعتداء ( بمثل ) .

﴿ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ۝ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الحج (39)-(40)

الإذن من عند الله على القتال . ولا أصدق من ذلك إلا قصة نبي الله طالوت ، الآية تقول

﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمْ ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ﴾ البقرة (246)

إذا هناك فترة قبل أن يكتب الله القتال ، وفترة أخرى كتب فيها القتال ، ( فلما كتب عليهم القتال ) . أي أن كتابة القتال محددة في الوقت والزمان ومحددة ضد أشخاص محددين ، يتم تمييزهم ومعرفتهم. وكذلك هناك أية أخرى تقول :

﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنْ اتَّقَى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً ﴾ النساء (77)

﴿ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنْ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ۝ إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ المائدة (33)-(34)

أولاً :هذه الآية جاءت ضمن آيات تتحدث عنا القتل في سورة المائدة : بدءاً من قصة ابني آدم ، جاءت آية تقول : ( من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل ..) .

بعدها قالت إنما جزاء الذين يحاربون ، فهي تقول لبني إسرائيل أنتم تعلمون أن هذا هو الحكم ، والله قد بين لكم في كتبكم هذا الأمر ، وتأتي آيات تاليه لهذه الآية لتقول : ( وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس ) . هم يعلمون هذا الحكم والله يذكرهم به ، ذلك لأنهم كانوا يحاربون الله ورسوله .

والحرب عنوان كبير يشمل : التضييق الإقتصادي ، الحرب الإعلامية بالتشويه والكذب ، الإيذاء بالقول ، تعطيل المصالح ،ويصل إلى القتل . ومحاربة الله ورسوله ، تعني محاربة جهة الله ومحابة المؤمنين الذين يحملون قيم ودين الله ، ومحاربتهم إنما جاءت فقط لأنهم يحملون هذا الدين. ويسعون في الأرض فساداً ، والفساد هنا هو فساد القتل كما تبين آية تالية في نفس السورة ( كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فساداً ) أي أنه الفساد المرتبط بسفك الدماء .

وبالنسبة للجزاءات المذكوره فيمكن اختصارها في شيئين : القتل ، أو الخروج بعيداً عن المنطقة ، فهو يستحق القتل ، ولكن خروجه من المنطقة إنقاذاً لحياته ، وإبعاداً لقتاله للمؤمنين. التقتيل : فيه مبالغة في القتل، يصلبوا : أي يقتل من خلال الصلب، تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف : أي أن يتم إحداث جرح عميق في يديه ورجليه من خلف بحيث ينزف حتى الموت ، كنوع من أنواع التنكيل.

﴿ هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنْ اللَّهِ فَأَتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمْ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ ۝ وَلَوْلا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ الْجَلاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ ۝ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقَّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ الحشر (2)-(4)

هناك صور لتطبيق ذلك القتال : تبين في قتال الذين أوتوا لكتاب ، أنهم أخرجوا من ديارهم ، ولولا أنهم خرجوا لعذبهم في الحياة الدنيا وهذا العذاب هو قتال المؤمنين لهم كما تقول الآية ( ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا ) . فكان الإخراج هو جزاءهم بسبب محاربتهم لله ورسوله .

﴿ فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ التوبة (5)

أما بالنسبة للذين أشركوا فقد أمر الله سبحانه وتعالى بقتالهم بعد انقضاء الأشهر الحرم ، وقد أعلن أمر قتالهم بداية الأشهر الحرم من أجل أن يعطيهم فرصة لأن يبتعدوا ( فسيحوا في الأرض ) . وهذا القتل للمشركين جاء على أساس المثل، أي أنهم يقتلون في أي مكان يتم رصدهم فيه تماماً كما كانوا يقتلون المؤمنين في أي مكان .