فترات زمنية
| التركة# مقدمة
قبل البدء في فهم الوصية نريد أن نحدد بعض الفترات الزمنية الهامة، ثم نحدد نوعين من الوصية ، وصية عند حضور الموت ونقل الوصية إن أنتم ضربتم في الأرض.
# فترات زمنية
# الحين
الحين : الحِينُ: الدهرُ، وقيل: وقت من الدَّهر مبهم يصلح لجميع الأَزمان كلها، طالت أَو قَصُرَتْ، يكون سنة وأَكثر من ذلك، وخص بعضهم به أَربعين سنة أَو سبع سنين أَو سنتين أَو ستة أَشهر أَو شهرين.
المصدر : الباحث العربي
مثال في قوله تعالى:
﴿ ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوْا الآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ ﴾ يوسف(35)
# حضور الموت
قال تعالى:
﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ ﴾ البقرة (180)
# أولًا: المخاطب
هناك قاعدة مهمة في فهم آيات القرآن الكريم وهي فهم اتجاه الكلام في الآيات ، ومن هو المخاطب ؟ في هذه الآيات الثلاث : نطرح سؤال مهم ، من هو المخاطب ؟
قد تكون الإجابة أن المخاطب هم من حضره الموت ومن معه، ولكن أكثر التأكيد جاء على من يستمع لهذه الوصية ، بأن لا يبدل.
الآيات 181 ، 182 تؤكد لك الفهم أن المخاطب هم الذين مع الذي حضره الموت، وتأمرهم أن يأخذوا منه الوصية، وأن يحافظوا عليها ولا يبدلونها.
# ثانيًا: كلمة « أحدكم»
تشعرك هذه الكلمة بأن الذي جاءه الموت أحد المؤمنين، فهو لا يصل في وصيته لدرجة الجريمة التي نخشى وصيته وما تحمل، ولكن قد تحمل الوصية مستوى من الجنف أو مستوى آخر من الإثم ، وهذا الشعور ( خوف ) ، فلا ندري ما الحقيقة. قد يوصي الوصي من خلال معرفته هو بالأشخاص الذي يوصي عنهم.
ثالثًا: الموضوع:
الجنف : وهو الميلان ، و الإثم وهو الاعتداء. و"الخير" كلمة عامة تشمل المال والحكمة والفعل الطيب وغيره من الأشياء الحسنة، ومن يحضره الموت حق عليه أن يوصي بشيء من ذلك أو كله.والوصية تكون نابعة من المحبة لأجل أحد ، وقد تكون ضد أحد بميلان عنه أو بالاعتداء عليه بسبب البغضاء وفساد العلاقة.
# رابعًا: المقاطع
1- "كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت"
حضور الموت هو اقتراب الموت وبروز علاماته التي يعلمها ويشعر بها من يحضره الموت، تقول الآية كتب عليكم أي فرض عليكم مع وجود استثناء بأن تكون هناك ظروف لا تسمح للمؤمن أن يوصي قبل موته ،في حال تعرضه لموت الفجأة أو القتل مثلاً.
2- "إن ترك خيراً الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف"
أن يوصي للوالدين والأقربين بـما هو متعارف عليه.
3- "حقاً على المتقين"
حق للأقربين على من حضره الموت أن يوصي لهم وأن يؤدي هذه الأمانة إن كان يستشعر التقوى.
4- "فمن بدله بعدما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه"
التبديل يكون من أحد له مصلحة في تبديل الوصية، وهذا يعني أنه صادر من أحد أقرباء الموصي الذين حضروا وسمعوا الوصية، ولهم القدرة على تبديل الوصية.
5- " فمن خاف من موص جنفاً أو إثماً فأصلح بينهم فلا إثم عليه"
فأصلح بينهم : بين الموصي وبين أحد من "الوالدين والأقربين". أي أن أحد من يستمعون الوصية خاف من الموصي جنفاً على أحدهم أو إثماً بالاعتداء على شيء من حقوقه فتدخل للأصلاح بينمها،فإصلاح ذات البين يؤدي إلى إلغاء ذلك الحيف في الوصية بالنتيجة، وهو فعل يأخذ وقتاً ويستوجب إعادة سماع الوصية. وهذا الإجراء لا إثم عليه، وهو استدراك على الآية السابقة في تحريم تبديل الوصية.
# حين الوصية
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنْ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذاً لَمِنْ الآثِمِينَ فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنْ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمْ الأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذاً لَمِنْ الظَّالِمِينَ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾ المائدة (106)-(108)
1- حين الوصية : هو الفترة الزمانية التي يتم فيها نقل الوصية من الموصي إلى أهل الموصي. إذ أن الحين هو فترة زمانية تطول وتقصر حسب الحدث.
2- ضربتم في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت: أصابتكم مصيبة الموت ، يعني أن الموصي قد مات، ولأنه قال «حين الوصية» معنى ذلك أنه قد أوصى في الغربة على أشياء محددة ، بحيث أن هذه الأشياء يجب أن تنقل إلى أهله في موطنه .
3- «حضر أحدكم الموت» : حضر أحد الذين حضروا الوصية لذلك الذي قد أصابته مصيبة الموت في الغربة «حضره الموت» وحضور الموت لا يعني أنه مات ، ولكن حضرته أمارات الموت فقط.
بهذا نفهم ظرف الآية المكاني : خارج حدود الأهل والوطن ، الزمان : بعد الإصابة بمصيبة الموت لرجل قد أوصى لأناس، قد حضر أحدهم الموت . إذا الآية تتحدث عن حضور الموت لأحد الشهداء الذي سبق وأن أخذ وصية من ميت قد توفاه الله سباقاً وهو غريب.
# غرض الآية
يتضح آخر الآية وهو : ﴿ ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها أو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم ﴾ . أي أن الآية تعطي الخطوات الصحيحة التي تحفظ الحقوق وتنقل أمانة الشهادة بحيث لا يتم تبديلها من قبل الناقلين لها.